+ A
A -
حصل الفرج والحمد لله، واستطاع العبد لله الخروج من محبسه القهريّ بعد أن تمكّن «كريس» ومجموعته من تيسير سبيلٍ ضيّقٍ أمام منزلي يسمح لي بالوصول إلى السيارة، ومن ثمّ النفاذ إلى الخارج..
العاصفة الثلجية التي شهدناها في الشرق الكندي أخيراً، توصف بأنها الأعتى منذ خمسين عاماً..
السيارة زلّجت و«حرنت»، وأبت الإقلاع، فالثلج تحت الإطارات، أصبح لزجاً، فلا هو بثلجٍ، ولا هو بجليد.. ليس لي إلا جاري «برايان» العجوز.. قرعت جرس بابه، خرجت زوجته متثائبةً:
- برايان راح يمشّي هوبكنز(كلبه).
لم يخيب برايان أملي، فلم تنتهِ زوجته من تقريرها، حول تمشاية الكلب هوبكنز الصباحية،حتى هلّ برايان يتهادى، وهوبكنز من بين تلال الثلج،المرتفعة إلى أكثر من ثلاثة أمتار..
-هاه يا مستر فلفل، الرفاق THE GUYSجرّفوا لك الثلج، تستطيع الخروج الآن..
- لكن يا عم برايان السيارة مستعصية، وتأبى الخروج..
-انتظر قليلاً، عندي كيس رمل ينفع في مثل هذه الحالات..
راح برايان العجوز، وفتح مخزنه الصغير، وجاءني بكيس رملٍ بنّي اللون، نثر قليلاً منه تحت إطارات الكامري، التي انطلقت عقب ذلك..
قدت السيارة في طريقٍ ضيقةٍ ملتويةٍ كأفعى أمازونية، لا تتسع لعبور أو خروج أكثر من سيارةٍ واحدةٍ، أسفلتها نظيفٌ، تحيط التلال الثلجية بي يميناً وشمالاً، بحيث تحجب الرؤية، ذلك هو السبيل الذي يصل بين بيتي، وبداية الشارع الفرعي المؤدي إلى بيدفورد هاي واي..
في هذه الطريق هاج بي الخيال..
ماذا لو فكرت في قصة فيلمٍ سينمائي أكتبها لصديقي أبو عماد الواسع، ويخرجها صديقنا المشترك ميشيل نكد، تكون بعنوان «حب في الثلج»، تكون الحبيبة فيه «ملهلبة» والحبيب غايص في أكوام الثلج، يزيحها من الطرقات الفرعية والأفاريز، ويعود إلى البيت حيث تطلّ عليه من شرفة شباك بيتها، داعيةً إياه إلى عشاءٍ ساخن، وهناك تفتك به نوبة كحّة فيسقط هاوياً بين ذراعيها، وتروح راقعة صوت تتجاوب له كثبان الثلج المحيطة بهما ويقفل ميشيل نكد على منظر تراجيدي إلا أن الكاميرا تعود ثانيةً لتفاجئنا بأن البطل لم يمت، ومازال حياً يرزق، وكل ما في الأمر أنه كان منفعلاً بالشوربة التي أعدتها له الحبيبة..
عند هذا الحد حمدت الله، فقد بدأت السيارة تتهادى عبر إسفلتاتٍ نظيفةٍ، ووسط مشهدٍ أسطوري، جعلني أخجل من خيالي الذي أوحى لي بقصة ذلك الفيلم الهابط، التي لو نفذتها، فإنها تنقلني - بقدرة قادر- إلى فئة أصحاب الستة أصفار...أرزاق!!
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
24/03/2017
8153