+ A
A -
أيُبَدِّدُ شَهر مارس بَرْدَ العواطف القارس؟! ففيه تكريم للمرأة أُمّاً وزوجة وابنة وأختا، غير أن مِن الصدف الغريبة ألا يَفصلَ في هذا الشهر سِوى يومين بين عيد الأُمّ وعيد الشِّعر وما يُفترض فيه أنه عيد ميلادي.
فأَمَّا عيد الأُمّ، فأنتظرُه بلهفةِ العطشى لأتفرغ لانتقاء هدية قد لا تخطر على بال أُمّي لكنها تُشْبِع رغبتي في أن أُعَبِّرَ لها عن حبي بشيء رمزي في الوقت الذي يَخُونني فيه لساني ويَعجزُ عن أن يَتَلَفَّظَ بعبارة «أُحِبُّكِ غاليتي»، كما لا تطاوعني شفتاي لأهنئها بقُبلتين.. لعلها ثقافة عدم الإفصاح عن المشاعر التي لا أدري كيف اكْتَسَبْتُها!
وأَمَّا عيد الشعر، فأنا لا أُشاطرُ الآخرين تحضيرَ ورد الكلمات احتفالا بِمَقْدَمِه، وهذا لسبب واحد هو أن الأيامَ عندي كلها أعياد شعر.. فمَن يَجِد في قلبه حديقَةَ إحساسٍ لا يمكنه إلا أن يَفتحَ صنبورَ لسانِه ليَنطقَ شعرا ولا يَأذن لِمُحَرِّك أصابعه بالتوقف عن كتابة الشعر.
أَمّا ذكرى اليوم الذي وُلِدْتُ فيه، فكلما حَلَّتْ أَشْعُرُ بغربةٍ في دنيا الناس.. جُلُّهُم لا يَهتمّ بغير أن يكونَ الآخرُ راضيا عنه دون أن يَعرف إن كان هو راضيا عن نفسه. ومِن ثَمَّ أُحاسِبُ نفسي على عامٍ كاملٍ مَرَّ ماذا صَنَعْتُ فيهِ لنفسي، وماذا صَنَعْتُ للناس إرضاءً لِرَبِّي.
محاسَبتي لنفسي هذه السنة تأتي قاسية، فقبل أيام رَكَضْتُ في آخِر لحظة لأنجو بصعوبة من معركة الطريق التي كانت ستكلفني حياتي.. هل كان الأمر إنذارا إلاهيا يَدفعني إلى مراجعة نفسي تذكيرا بمَقام الموت الذي لا يترك لنا إشعارا قبل مجيئه؟! هل هو دعوة إلى العمل للآخرة؟!
في مواقف كهذه أتساءل: هل أَرْضَيْتُ ربِّي في واجباتي وحقوقِ عبادِه؟! ثم شَرَعْتُ أستعرض شريطَ الذاكرة لأبحث عن عدد حَبَّات «الخَرْدَل» (نبات له حَبّ يُضْرَبُ به المثلُ في الصغر) من مجموع ما يَليقُ بالعبد أن يَدَّخِرَهُ لموعد ربّه.
في زمننا الذي لا يَثبتُ فيه الأمرُ على حال فَكِّرْ في الْمَآل. لا يهمّ ما كُنْتَ عليه، لكن يهمّ كثيرا ما تَصِير إليه، فلا تَنْسَ أن يومَ الحساب مُلاقيكَ. ولهذا لا يَكفُّ الوَرِعُ عن الدعاء بحسن الخاتمة والستر فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض، كما لا يَكفُّ عن مضاعفة الحسنات، وما أكثر السيئات التي قد تَحصدُها النفسُ في اللحظة الأخيرة فَتُتْلِفُ مقابلَ عُمْرٍ من العملِ الصالح!
في انتظاركَ يوم لا يَذْكَرُكَ فيه حبيب ولا صاحِب، الأمس يُقْبَرُ، والأصدقاء الذين كانوا يُصَفِّقُونَ لرقصتك رقصة الحياة يُضْرِبون عن الحياة، ومَن كان يُغَرِّدُ لكَ يَجمعُ دفاتر قلبِه ويُغادِر بحثا عن حَبْل النجاة.. لَمْلِمْ دموعَ جراحكَ، وأَفْرِغْ قلبَك من غير مولاكَ، واركُضْ وانْجُ بنفسِكَ قبل أن تُغلقَ الحياةُ أبوابَها ونوافذها في وجهِكَ.
نَافِذَةُ الرُّوح:
«كُنْ حكيما وافْهَمْ نَفسَكَ قبل أن تَفهمَ الآخَرين».
«الواقعةُ أنني عَرفْتُ الحقيقةَ، والدرسُ أنني تَعَلَّمْتُ الشَّكَّ».
«الحياةُ خَطّ غَيْر مستقيم يَصِلُ بين نقطةِ بدايةٍ ونقطةِ نهايةٍ».
«لم أَخُنْكَ، لكنني كَفَرْتُ بِوَفَائِكَ».
«لَيِّنْ قلبَكَ بِذِكْرِ الله».
«بالحنانِ تُحْيِي القلبَ، وبالقسوةِ تُمِيتُه».
«ليس ذنبكَ أن مياهَ مُحيطِكَ مالحة، لكنه ذنبُ مَن يَسبح فيه».
بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
23/03/2017
5065