+ A
A -
ثمة علامات مضيئة تظهر في أفقنا المكفهر بين الحين والآخر، رغم أن أشخاصاً فاسدين وطغاة مثل عباس والسيسي ودحلان وبشار والمالكي لهم باع طويل في تثبيت أركان الاستعمارين الإسرائيلي والإيراني في الشرق الأوسط.
ولعل علامة أخرى مضيئة بانت في سماء روسيا التي ما زالت تعتدي على سوريا بلا آدمية أو أخلاق. وإننا رغم تحميلنا بوتين وعصابة الكرملين مسؤولية إطالة عمر نظام بشار الأسد وزيادة منسوب الدم، بالتالي، فقد أعلنت صحيفة إرفستيا الرسمية أن موسكو وضعت آلية لطرد كل الوحدات العسكرية الشيعية الميليشيوية من سوريا، وعلى رأسها ميليشيا حزب الله الإرهابي التي انتقل معظمها إلى الحدود اللبنانية لحاجة نصرالله لها في داخل لبنان.
وحتى لبنان المصادرة حكومته لمشيئة إيران التي تُبلغ حزب الله ما يفعل وما لا يفعل، ظهرت فيه إشارات مضيئة عندما أعلن بطريرك الموارنة المتنفذ بشارة الراعي أن نصرالله تسبب بانقسام اللبنانيين عندما تسلّح وعندما تدخل في سوريا .. وكذلك حين ألْبَسَ وليد جنبلاط ابنه تيمور الكوفية الفلسطينية وهو يدشنه زعيماً للدروز في الذكرى الأربعين لاغتيال نظام حافظ الأسد والده الراحل الكبير كمال جنبلاط.
وإذا كان جنبلاط الذي دعا إلى المصالحة العربية يعتبر فلسطين لب الصراع كما كانت على الدوام، فإن إخلاء سوريا من كل أثر شيعي إيراني عسكري أو عربي أو أفغاني أو باكستاني، هو أيضاً علامة مضيئة، وإنْ كنت شخصياً لا أتوقع خلاص سوريا لا الآن ولا في أي وقت آخر قادم.
ومن الجيد طبعاً أن تضطلع «مراكز المصالحة» التي أنشأتها موسكو بمراقبة انسحاب التشكيلات الشيعية الإرهابية (قطعاً) التي تحارب إلى جانب الإرهابي الأول قاتِل شعبه بشار الأسد، غير أن ثقل الصراع وتشعبه وامتداده في كل أنحاء سوريا، يجعل هدف موسكو صعب التحقيق، خصوصاً إذا أراد بوتين البدء بتنفيذ ذلك قبل التوصل إلى اتفاق نهائي في البلاد.
ويقول بروفيسور العلوم السياسية الروسي «ليونيد إيساييف» إن تركيا والمعارضة السورية تصران على أن من شروط التسوية انسحاب ميليشيا حزب الله وغيره من التنظمات الشيعية غير السورية مثل الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية، مضيفاً أن أنقرة تعتبر حزب الله أداة إرهابية رئيسية تدافع عن مصالح إيران، فيما ينظر السُنة السوريون الذين يشكلون «85 %» من المواطنين، إلى أي جماعة شيعية كقوة غازية لبلادهم المحتلة.
ويرجح إيساييف أن يرضخ الإيرانيون والميليشيات التي تأتمر بأمرهم، إلى القرار الروسي إذا تحققت الظروف اللازمة، وأهمها نجاح وقف إطلاق نار دائم تضمنه القوى الثلاث: روسيا وتركيا وإيران ذاتها.
حزب الله كما أسلفنا بدأ رحلة الانسحاب، لكنْ تبقى الأمور رهينة للتطورات الميدانية حيث تتشابك وتتصارع مئات التنظيمات التي نشأت أو قدمت من الخارج، منذ أن بدأ بشار مذابحه بحق السوريين في «2011» أسوة بوالده وحفاظاً على تركة أسدية يندى لها جبين الإنسانية.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/03/2017
2490