+ A
A -
من الواضح أن دونالد ترامب ليس غبياً ولا مجنوناً مثلما ظنه الكثيرون. ومن الواضح أيضاً أن احتمال إنهاء رئاسته بقرار تشريعي مسنود بضغط شعبي، قد تبدد. وهو أيضاً ليس متهوراً، بدليل أنه لا يتعجل أمره بالنسبة لمسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو تجاه قضية الاستيطان، خاصة وأن نتانياهو قد اعترف أخيراً بأنه لا يملك «شيكاً على بياض» من الرئيس الخامس والأربعين.
غير أننا لن نتحدث هنا عن فلسطين، ولكن عن الصراع المذهبي العرقي الذي فرضته إيران على الشرق الأوسط والخليج، مستغلة الضعف العربي، للتمدد والتوسع، واحتلال أراضٍ عربية تفوق مساحة فلسطين بعشرات المرات، في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، من قبل الحرس الثوري أو عملائه الإرهابيين من أمثال حزب الله والحوثيين.
فالأنباء الواردة من واشنطن تفيد بأن ترامب قد أيقظ الولايات المتحدة من سبات مظلم فرضه عليها أوباما الخبيث وصاحب الأجندات الغامضة. ويوم أمس الأحد انطلقت في بر الكويت ومياهها الإقليمية وأجوائها مناورات «حَسْم العُقبان» أي الصقور، وهي من أضخم وأهم المناورات العسكرية في تاريخ المنطقة وتشارك فيها جميع أفرع الأسلحة السعودية والأميركية، وقوات متنوعة من بقية دول مجلس التعاون وتستمر «23» يوماً!
«حَسْمُ العقبان» جرت «14» مرة أولاها في البحرين عام «1999»، لكنها هذه المرة مختلفة بكل المقاييس، حيث إنها مخصصة، كما يبدو من سياقاتها ومداها ومشاركاتها، للتهديدات الإيرانية، أو بالأحرى العدوان الإيراني المتواصل على المنطقة منذ ما بعد «الربيع العربي» المشؤوم.
لن ننسى أبداً انتهازية طهران وغدرها واحتلالها الأراضي وتعيينها الحكومات العميلة في عدة دول عربية، لكننا نشعر بالارتياح الفعلي للصحوة التي بدت جلية في واشنطن، خصوصاً عندما قال «مايك بنس» نائب الرئيس الأميركي إن الجالس في البيت الأبيض الآن ليس باراك أوباما، وإن على إيران ألا تحول اختبار حزم ترامب.
ويكشف ما أعلنه كبار عسكريي الخليج العربي الأهمية السياسية غير العادية لمناورات حسم العقبان التي تهدف خصوصاً إلى مواجهة التحديات والأزمات والتهديدات المرتبطة بالعمليات العسكرية، عدا عن تعزيز الدفاعات المشتركة للدول الست الشقيقة، بما فيها سلطنة عمان.
هذه المناورات الضخمة والموسعة والتي تغطي بأساطيلها المشاركة السواحل الإيرانية واليمنية ومساحات شاسعة تشمل مراقبة معظم الخليج، تمثل في الواقع رسالة تحذير شديد اللهجة إلى الغزاة الإيرانيين، بأن الولايات المتحدة في عهد ترامب ليست الولايات المتحدة التي وضعها أوباما في جيب إيران وجيب إسرائيل، ما يجعلنا نأسف للوضع الحرج الذي سببته لنا إيران واضطرنا للاستنجاد بواشنطن.
وهكذا يمكننا القول إن الخليج العربي لم يعد يقف وحده أمام أسماك القرش الإيرانية المتحفزة باعتراف طهران، للانقضاض أولاً على البحرين، بعد أن أعلنت رسمياً «السيادة الأبدية» على جزر الإمارات الثلاث المحتلة.
وما يزيد من توجه المنطقة نحو وضع أكثر أماناً هو مناورة «الرمح الثلاثي الموحد» التي اختتمت قبل أيام وشملت الخليج على امتداد مياهه الدولية، بمشاركة البحرية البريطانية والفرنسية والأسترالية، التي أعلنت في بيان أصدرته القيادة المركزية الأميركية تعهدها بإحباط أي انتهاك إيراني لخطوط الإمداد البترولي والغذائي التي تزود العالم باحتياجاته.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
20/03/2017
2565