+ A
A -
لم تخف أميركا قلقها من تنامي النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وأحدث مشاهد هذا التمدد الروسي لقاءات جمعت مؤخرا عددا من السياسيين والعسكريين الليبيين مع نظرائهم الروس، ولهذا نسب إلى قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا، الجنرال توماس وولدهاوزر، قوله، لأعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي: «نحن قلقون جدا من هذا».
وإلى قريب كان هناك رأي يقول إن روسيا لم تأت إلى الشرق الأوسط على غير إرادة الولايات المتحدة، وإنما بتنسيق معها لملء الفراغ المتوقع في المنطقة، على أثر الرحيل الأميركي، حيث أكدت العديد من التحليلات أن الولايات المتحدة على مشارف إنهاء وجودها في المنطقة، بعد قربها من التخلي عن نفط الخليج، ولذلك تراجعت عن ضرب سوريا، وتقدمت في الموضوع النووي مع إيران
غير أن إرسال الرئيس ترامب قوات أميركية إلى سوريا مؤخرا استعدادا لتحرير الرقة، وبروز رفض أميركي مستجد وواضح للاتفاق النووي مع إيران، ومد ترامب جسورا وطيدة إلى دول في الشرق الأوسط يقوض تماما أفكارا نيئة عن قرب انسحاب أميركي تدريجي من المنطقة التي تمثل أهمية قصوى للسياسة الأميركية.
وفي واقع الأمر إن ما يسمى تنامي النفوذ الروسي في الشرق الأوسط ليس إلا وجها آخر لسياسات روسية ترفض تماما ثورات الربيع العربي، فلم ترحب بها روسيا التي تنبأت قبل غيرها بالمصائر التي ستؤول إليها هذه الثورات بعد أن تتحول إلى تجارب مبتورة تحت ضغط إرث هائل من الأزمات والتراكمات التي ستعثرها، خاصة أن الروس كان لديهم نوعان من المخاوف عند اندلاع هذه الثورات، وأولهما: الخشية من الديمقراطية التي تعمل على التفكك الفيدرالي مثلما حدث من تفكك الاتحاد السوفياتي، وثانيهما: الخوف من اقتحام عدوى الثورة العمق الروسي، ولهذا تستثمر روسيا حاليا في فشل هذه الثورات، وهو ما يدعو أميركا الآن إلى سياسات ستعيد بعضها عقارب الساعة إلى الوراء.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
20/03/2017
2987