+ A
A -

كل الذين يطالبون باستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية دون شروط رغم ما نهبته عصابة نتانياهو منذ توقف الحوار، يساهمون من حيث يدرون ويدركون، في تلبيس الوجه الإسرائيلي القبيح باروكة شعر جميلة.
لكن الأمور هذه المرة تختلف، فالفضائيات والانترنت لم تُبق شيئاً مستوراً، فكل أمر مفضوح على الآخر، ومحاولة ترامب «دَعْكَ» الجسد الإسرائيلي المثقل بالخطايا والآثام، بصابون نابلسي أصلي في حمَّام سياسي ينعقد في الأردن، لن يجدي أبداً.. صدقوني.
الوسَخ الإسرائيلي تراكم بالأطنان والبحار بما فيها الميت، لا تكفي لإخفائه لا هي.. ولا كل الجمل الطنانة الرنانة التي تذكرنا بأوسلو التافه، وبوادي عربة الارتجالي، وحتى بكامب ديفيد المريض.
الناس يفهمون كل شيء، والأمم المتحدة أعلنت رسمياً ولأول مرة قبل ساعات فقط في تقرير نشرته «الآسكوا» أن «إسرائيل أصبحت نظام أبارتيد يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله»، فيما رصد الاحتلال مائة وعشرة ملايين دولار إضافية لتطوير شبكة الشوارع والمواصلات بين المستوطنات والقدس، وتوسيع نطاق «القطار الخفيف» في عاصمته المحتلة، ليربط الأحياء الاستيطانية بالبلدة القديمة.
تتصرف عصابة العرّاب المنحط نتانياهو بعقلية الخمسينيات متجاهلة حقيقة في غاية الأهمية وهي أن الشعب الفلسطيني رغم ظروفه التي لا تخفى على أحد أغنى سياسياً وثقافياً من كل علماء إسرائيلي المسلحين بالهرطقة الإعلامية وبالأضاليل الأسطورية التي عفا عليها الزمن، مقابل حقائق ثابتة وموثقة حول عدم شرعية إسرائيل بالمطلق، وعدم امتلاكها إثباتاً واحداً يؤهلها للمطالبة بسنتيمتر من القدس والطور وأي شبر من فلسطين بدءاً من النهر وانتهاء بالبحر.
وما دام الموقف على هذه الدرجة من الوضوح غير القابل للإنكار أو الدحض، فما الذي يجبر الفلسطينيين على مجالسة الإسرائيليين في الأردن أو غير الأردن؟
فهذا ليس وقت المفاوضات في ظل إجراء اليمين المتطرف تغييرات على الأرض، بما يتناقض مع قرارات مجلس الأمن حول ضرورة إزالة آثار العدوان، وليس تثبيتها وترسيخها وجعلها جزءاً من الأمر الواقع خطوة خطوة.
وما الذي يجبر حتى رجلاً مشكوكاً في ولائه لفلسطين كمحمود عباس، أن يحمّل جروحه وقروحه إلى معبد يسفك فيه دمه حتى آخر نقطة، مع تحميله تهمة «التشدد» (!) التي أفشلت محاولات التفاوض السابقة.
لم يجد نتانياهو الذي «خبَّص» كثيراً، من مفر سوى الهروب مع ترامب إلى مؤتمر إقليمي يريدونه في الأردن، مع التضحية بنفتالي بنيت الذي كبر حتى صار كالبالون الجاهز للفقع.
ربما يريد ترامب التضحية ببنيت لإقناع الرأي العام الفلسطيني بأن نتانياهو معتدل (!) وبأنهم قادرون على العيش في فقاعات، ما دام ممنوعاً عليهم أن يستخدموا شوارع المستوطنين.
بصراحة نتانياهو «اتجنن» بالمصري، وهو يطلق النار في كل الاتجاهات، فيما يقف ترامب ببله وجهل. والأمل في أن تفلت إحدى الرصاصات لتصيب هذا النتن بمقتل، فقد جاء ليخرب دون أن يفهم أن وراء أي خراب عَمَار!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/03/2017
2405