+ A
A -
قبل أيام، كتب أحدهم على الفيسبوك متسائلا: ماذا يحدث للعرب عندما يحدث الفراق بين السعودية وأميركا؟ وحفزني هذا التساؤل غير المبرر أصلاً، على كتابة «بوست» أقول فيه: «الفراق لن يكون بين واشنطن والرياض، ولكن بين أميركا وإيران».
ليس ذكاء مني أو شطارة، وانما القراءة التحليلية تؤكد ذلك، وقد كتبت في ذلك مراراً ولا داعي للتكرار، لكن ما يجب التأكيد عليه هو أن الاجتماع الذي عقده محمد بن سلمان، ولي ولي عهد السعودية، مع الرئيس دونالد ترامب في واشنطن الثلاثاء الماضي، كان نقطة تحول تاريخية، كما وصفها مستشار الوفد السعودي الذي قابل ترامب.
ولعل أهم ما جاء في البيان الذي أصدره المستشار بموافقة الجانب الأميركي هو اتفاق الرياض وواشنطن على اعتبار إيران تهديداً أمنياً للمنطقة، وقفزة ايجابية في العلاقات السعودية- الأميركية.
ويجدر التذكير بأن الولايات المتحدة أعطت ما يكفي من المؤشرات والدلائل والتصريحات التي تفيد بأنها مصممة على مواجهة إيران بهدف تحجيمها وشطب بَصْمتها الشرق أوسطية والخليجية التي أظهرت عمق ومدى رغبتها التوسعية التي وصلت إلى حد السعار والجسارة غير المسبوقة.
وإذا كان ترامب قد أرسل مدمرة وسفنا حربية أخرى إلى مياه الخليج لتعطيل عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين وللحفاظ على سلامة الملاحة في باب المندب، فقد أصدر عدة تحذيرات من لجوء إيران إلى استفزازاتها المعهودة ضد السفن والناقلات الغربية في المنطقة.
كما أن إصرار ترامب وكبار وزرائه على اعتبار إيران الدولة الأولى في العالم في مجال الإرهاب، وإبقاء طهران للمرة الثانية على قائمة الدول التي يُمنع مواطنوها من دخول الولايات المتحدة يمثل دليلاً آخر على تمسك البيت الأبيض بضرورة وقف المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.
ويكون ترامب باتصالاته واجتماعاته المتكررة مع القادة السعوديين قد عكس سياسات أوباما بل وحطمها، خصوصاً عندما شعرت الرياض وواشنطن ترامب أن الرئيس السابق كان مهتماً بالاتفاق النووي مع إيران أكثر من اهتمامه بتحالف الولايات المتحدة مع السعودية والعالم العربي.
وحسبما جاء في البيان المذكور فقد أعاد اجتماع محمد بن سلمان مع ترامب الأمور إلى مسارها الصحيح، ويمثل فرصة كبرى لتعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.
وقد برهن أوباما على انحيازه ضد العرب والسُنة عموما لصالح الفرس والشيعة بوضوح يصعب إنكاره، عندما منع بعض الأسلحة المهمة عن السعودية، وأتاح للكونغرس اصدار قانون «جاستا» سيئ الصيت الذي يحمل السعودية ضمناً مسؤولية الهجوم الإرهابي في «11» سبتمبر «2001»، ويتيح للضحايا مطالبة الرياض بتعويضات مالية لا يستحقونها.
غير أن إصلاح ما ارتكبه أوباما من آثام ووقوفه إلى جانب المعتدي الإيراني على الأراضي والمصالح العربية، يبشر بأيام أكثر أمنا واستقراراً مع توجه إيراني أكيد نحو الانكفاء والتراجع، في ظل إرادة أميركية جلية على إجبار طهران على العودة إلى حجمها وحدودها، وهو ما نأمل أن يتم بسرعة وحسم.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/03/2017
2171