+ A
A -
منذ مدة طويلة وأنا أمقت أي دعوة للمصالحة بين فتح وحماس من منطلق الإدراك أولاً بأنها غير ممكنة الآن ولأنها ثانياً قميص عثمان ترتديه السلطة كلما أرادت أن تضعف منافسها الحمساوي الذي تصاعدت شعبيته في صفوف الفلسطينيين ليس في غزة فقط ولكن في الضفة الغربية.
نظافة يد حماس معروفة وكذلك كفاحها السياسي والعسكري غير الملوثين، بعكس فتح التي أصبح الكثير من قادتها حراساً لإسرائيل في الضفة وسدنة للتنسيق الأمني وإرشاد العدو إلى المقاومين لاعتقالهم وتعذيبهم وهدم منازلهم.
وعندما يأتي المرء على ذكر محمود عباس (81 عاما) بالاسم تقشعر الأبدان، ذلك أنه أصبح حليفاً فعلياً لليمين الإسرائيلي ونصيراً للاستيطان، كما يعرف حتى ساسة إسرائيليون، منهم يوسي بيلين الذي استهجن تدهور سلطة رام الله إلى هذا الحد المهين للفلسطينيين وطالب بحلها.
ورغم أنني لم استوعب تماماً حتى الآن أسباب اختيار عباس لمحمود العالول نائباً له في رئاسة فتح، وذلك لأول مرة في تاريخ الحركة، فإن هذا الفتحاوي المخضرم البالغ من العمر «66» عاماً يتمتع بالتاريخ الذي يؤهله للمنصب، وإنْ كان يفتقر كما يُعتقد إلى النفوذ الكافي للإطاحة بعباس الذي بات رمزاً للإذلال والمهانة، وزمرته العميلة.
غير أن نظرة إلى تاريخ محمود العالول تفيد بأنه ذو خبرة في الجناحين السياسي والعسكري، ويفترض أن تكون إسرائيل منزعجة لاختياره، لأنه مسؤول عن أسر ستة جنود عام «1983»، كما عمل محافظاً في الضفة ويشغل منصب رئيس التعبئة في فتح، وهو ما يؤهله لإدارة أنشطة القاعدة الشعبية للحركة، أو ما بقي منها.
ولكن نقطة ضعفه الوحيدة هي علاقته الجيدة مع عباس، إلا إذا كان ذكياً إلى درجة استخدام هذه العلاقة لمحو آثار أبو مازن السيئة عن المسار الثوري وإعادة الحياة والهيبة إلى المؤسسات الفلسطينية ابتداء بمنظمة التحرير والمجلس الوطني وانتهاء بالمجلسين الثوري والمركزي.
كل هذه المؤسات معلقة أو مجمدة، ومحمود عباس ليس أكثر من رئيس بلدية على أرض الواقع، حيث بدأت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة تفعيل إدارتها المدنية والاتصال مباشرة بأهالي الضفة الغربية.
قدوم العالول على كل حال خطوة إيجابية، ونرجو أن تظل كذلك بعد رحيل عباس الذي نأمل ألا يطول، مع ضرورة الإشارة إلى أن وصول هذا المناضل الذكي إلى السلطة جاء في ذات الوقت الذي نفضت فيه حركة حماس هيكلها السلطوي في غزة ليصبح يحيى السنوار في الواجهة، علماً أنه تولى بعد سنة من الإفراج عنه عام «2011» (قضى في سجون الاحتلال 20 عاما) منصب ممثل الجناح العسكري للحركة في المكتب السياسي.
وقد احتج السنوار حتى على شروط عملية تبادل الأسرى التي أدت إلى إطلاق سراحه، كما يقال إنه مسؤول عن تصفية عشرة من نشطاء حماس بتهمة التعاون مع إسرائيل. والآن هو مرشح لأخذ مركز إسماعيل هنية كقائد لحماس في غزة، فيما العالول مرشح لأن يأخذ مكان أبو مازن في فتح إذا استطاع تجاوز البرغوثي والرجوب الساعيين إلى وراثة عباس، علماً أن الرجوب تحديداً محاط بعلامات الاستفهام.
العالول والسنوار مؤهلان للتحاور ويريدان على ما أظن، تجسير العلاقة بين الضفة وغزة وإطلاق مفاوضات جدية للمصالحة والوحدة الوطنية.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/03/2017
2285