+ A
A -
منذ ثلاث سنوات لفت انتباهي صيني فوق السبعين من العمر بلحية بيضاء قليلة الشعر وهو يحمل رشاشا في إحدى مناطق سوريا. واطلعت بعد ذلك على عدة تقارير حول انغماس مسلمين صينيين في تنظيمات ارهابية تقاتل في الشرق الاوسط.
هذه الصورة ظلت عالقة في ذهني، غير ان الاضواء لم تتسلط إلا قليلا على دور مسلمي الصين في العمل «الجهادي». وعندما قرأت ما نشرته مجلة «فورن بوليسي» الاميركية قبل ايام حول هذه القضية، ادركت عمق وخطورة النشاط الاسلامي الصيني في الصراع الشرق أوسطي وحروبه المتعددة.
وللعلم فإن عدد المسلمين في الصين حسب الارقام المعتمدة يتجاوز 120 مليونا، اي ما يساوي عدد سكان مصر وسوريا. وركزت المجلة المذكورة على مقطع فيديو تم بثه في 27 فبراير الماضي وقال فيه ناشط يوغوري (مسلم صيني) ان الدولة الاسلامية - داعش - ستسفك الدماء أنهارا ردا على اضطهاد بكين للمسلمين الإيغور في منطقة شينغيانغ الغربية.
وإذ عرض الفيديو مشاهد لتدريب متطرفين يوغوريين على الاسلحة الثقيلة، فإنه لم يتردد ببث عمليتي إعدام وحشيتين بحق مخبريْن مزعوميْن. وفي الوقت الذي تفيد فيه تقارير مخابراتية غربية انقسام المتشددين المسلمين في الصين بين داعش والقاعدة، فإن الفيديو المذكور يمثل اول دليل بصري على وجود يوغوريين يقاتلون في صفوف داعش.
إقليم شينغيانغ هو تركستان حسب التسمية الاسلامية، حيث نشأ هناك حزب سياسي سري محظور تحت ذلك المسمى, مما يعطي، إضافة الى المعلومات التي تضمنها الفيديو مصداقية لقول السلطات الصينية ان المجموعات الارهابية جندت المئات من اليوغوريين في السنوات الاخيرة.
وتقول الفورن بوليسي ان الحزب الاسلامي التركستاني يشكل اكبر تهديد ارهابي مباشر للصين خصوصا في نسخته الموالية للقاعدة. وقد وصل الامر بهؤلاء اليوغوريين (احد الاعراق العديدة في الصين) الى نشر مقالات قارنت بين القوى المناهضة للأسد ونضال اليوغوريين في الصين.
وحسب المجلة الاميركية أصبح للحزب المذكور بحلول عام 2015 حضور موثق جدا في ميدان المعركة في سوريا، حيث نشر المقاتلون الصينيون أشرطة فيديو تبين مشاركتهم في القتال في ادلب وجسر الشغور وسهل الغاب. كما تحدثت معلومات مؤكدة عن تأسيس مستوطنات مهمة للمقاتلين اليوغوريين ومئات من عائلاتهم حول ادلب واللاذقية منذ عام 2014.
ومن الفعاليات الارهابية الموثقة للإيغور هجوم اغسطس 2016 على السفارة الصينية في قرغيزيا، وآخر على ملهى ليلي في اسطنبول، نفذهما انتحاريان صينيان، احدهما من القاعدة والثاني من داعش. وبالمجمل كما يرى البحث الذي نشرته المجلة، فإن هذه التطورات تشكل تحديا كبيرا للصين التي نظمت استعراضات قوة ومسيرات لبث الفزع في نفوس «الجهاديين».
وتنصح الفورن بوليسي حكومة بكين بالتخلي عن «انطوائها» طويل الامد تجاه الصراع في العراق وسوريا، إذا ما أرادت مكافحة التطرف اليوغوري بفعالية.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
15/03/2017
2648