+ A
A -
لم تُضيّع احدث دولة- ميلادا- في العالم، فرصة أن تصير دولة حقيقية، فحسب، وإنما أعطت طلاب حق المصير، في العالم، مثالا بائسا جدا، لما يمكن ان تصير إليه الأمور، مع استحقاق المصير، في غياب الوعي!
الدولة- أي دولة- ليست نشيدا وطنيا، وعلما، وبساطا أحمر، فحسب. الدولة مفهوم. وعي، ومتى ماغاب هذان الإثنان، أصبحت في كف الشيطان.
غاب مفهوم الدولة، ووعيها، عن أذهان حكام جنوب السودان، فانزلقت تلك الدولة الوليدة، بأسرع مما تصور العالم، في حرب أهلية بشعة، لم تكن نتيجتها فقط، قتل مئات الآلاف، واهلاك الموارد الشحيحة، وإنما كانت نتيجتها-أيضا- فرار الملايين المرعوبين من الفظائع والتصفيات القبلية، إلى المخيمات البائسة، في دول الجوار.
ليت مايحدث في دولة جنوب السودان، يعيد تفكير طلاب المصير، في الكيانات المطالبة بذلك الحق، في الكثير من الدول، في هذه المطالبة، قبل أن يشيع تماما، في أوساط النخبة تحديدا، مفهوم الدولة، بكل مايعنيه هذا المفهوم من حقوق للمواطنة، والإنسان، وكيفية إدارة الدولة على أسس من الإنضباط ونكران الذات الشخصية، ونكران ذات القبيلة، ليشيع التعايش باحسان، بين كل الكيانات المتباينة.
مشكلة النخب الحاكمة، في جنوب السودان، انهم لم يصبروا كثيرا، ريثما يتخلصون تماما من ثقافة( الغابة): ثقافة التمرد، والبندقية، والتصفيات. مشكلتهم أنهم راحوا يديرون الدولة بذات الثقافة، حتى إذا مانشبت بينهم الإختلافات، ركنوا إلى حلها بمفهوم ثقافة( الغابة)، فكان ان صرّّ الرصاص، وتسعرت النيران، وتعاظمت الفظائع والجرائم الكبرى، وتلطخت الأرض بدم الاسلحة الخفيفة والثقيلة، ودم السواطير والسكاكين الطوال!
الدم لا يزال غزيرا.. والفرار أهوج، وبائس، وحزين.. والعالم لا يزال يتفرج.. وهكذا، من «البحيرات» التي شهدت واحدة من أكبر الفظائع العالمية، يعيد التاريخ نفسه في دولة جنوب السودان: يعيده بذات العبث والجنون، واللامبالاة الصفيقة.
مايحدث، ليس لعنة «خط الاستواء»..
إنها لعنة الجهل بمفهوم الدولة: إدارتها.. ولعنة الجهل بمفهوم التعايش.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
15/03/2017
2837