+ A
A -
قنبلة من النوع الثقيل جداً والفاضح جداً، تفجرت في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية خلال الأيام الأخيرة. بطل التفجير هو «يوسي بيلين» السياسي الذي اشتهر عام «1993» بأنه المهندس الأول لاتفاقية أوسلو بالتعاون مع محمود عباس، الذي تبين أنه كان «يبصم» فقط.
بيلين الذي تقاعد منذ تسع سنوات، كان من رموز اليسار وتلميذاً لشمعون بيريز، قبل أن ينشق ويشكل حزب ميرتس اليساري الذي يحتضر الآن مع كل حزب وهيئة معارضة للدكتاتور نتانياهو أو تنتقد الأسلوب المتطرف في قيادة إسرائيل هذه الأيام.
ما قاله بيلين في مقابلة تليفزيونية قد لا يحمل الكثير من المعلومات، لكنه كما قلنا صادم وفاضح لأنه يأتي على لسان سياسي كان له الباع الأطول، بإشرف بيريز، في صياغة اتفاقية أوسلو.
وها نحن نسمع بيلين يقول بصراحة تامة إن حل الدولتين الذي كان يؤيده قد انتهى تماماً، وإن الحل الباقي الممكن حتى هذه اللحظة هو الحل الكونفدرالي، غير أن المشكلة تكمن في رفض اليمين المتشدد أي حل لا يمنح إسرائيل الحكم المطلق والسيادة الكاملة على تراب فلسطين التاريخية.
لكن الصدمة الكبيرة تأتي من قول بيلين دون تحفظ إن السلطة الفلسطينية تحولت إلى حليف كامل ومدافع شرس عن اليمين المتطرف في إسرائيل. وقد بدا السياسي الإسرائيلي المتقاعد مصدوماً بالفعل لما حصل لعباس والسلطة ولما آلت إليه الأمور عموماً في فلسطين، داعياً إلى حل سلطة رام الله.
لم يذهب الرجل إلى حد اتهام عباس بالعمالة لليمين، لكن هذا كان مجمل المعنى الذي انطوى عليه حديثه، والحقيقة أنه بدأ بنتانياهو مروراً بنفتالي بنيت الذي يزداد تحكماً برئيس الحكومة وبصورة إسرائيل العنصرية التي تتحول رويداً رويداً إلى دولة أبارتيد رسمية، وليبيرمان والوزيرة الوقحة اياليت شاكيد، لن يقبلوا بأي من الحلول المقترحة، ويفضلون تجربة حظهم مع بناء الجدران والعنصرية إلى آخر مدى ممكن.
وإذا كان محلل سياسي معروف في فلسطين ألا وهو طلال عوكل يرى أن نفوذ مؤسسات السلطة الفلسطينية تدهور إلى أقل من صلاحيات أي بلدية صغيرة، يقول الباحث عبدالله أبو زايدة إن ما كشفه بيلين يثبت أن إسرائيل مارست الخداع على الفلسطينيين طوال ربع قرن.
وعاش الفلسطينيون في ظل هذه الخديعة ما يصفه مثقفون فلسطينيون «سوبر احتلال» لم تدفع خلاله إسرائيل أي تكلفة، بل انها حولت السلطة إلى مركز شرطة بقيادة أبو مازن، مهمته اعتقال المناضلين وتعذيبهم أو إرشاد المخابرات الإسرائيلية إليهم.
وفيما باشرت الإدارة المدنية في «جيش الدفاع» الإشراف على شؤون الضفة من خلال اتصالها مباشرة مع السكان الفلسطينيين، فإن ما بقي بيد أبو مازن لا يتجاوز «التنسيق الأمني» المعيب.
ورغم كل ذلك فها نحن نرى عباس يطرب وهو يدعى إلى البيت الأبيض لبحث إعادة المفاوضات مع الرئيس ترامب. يا جماعة أبو مازن ليس أكثر من جثة .. وفي الآونة الأخيرة أصبح لا يستمع لأحد. رجاء أشعلوا فيه النار.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/03/2017
3174