+ A
A -
الصدامات المحملة بالاستفزاز والكراهية المزمنة بين تركيا والاتحاد الأوروبي هذه الأيام، تحركها عدة عوامل، لكن العامل الرئيسي الذي يفضل الكثيرون عدم الاعتراف به، هو أن تركيا دولة إسلامية، ولأنها دولة إسلامية فيجب عدم السماح لها بالانضمام إلى الاتحاد.
هذه الحقيقة العنصرية في الواقع، تعبر عن نفسها منذ مدة بوسائل مختلفة، ولكن جذور الخلاف بدأت تظهر الآن بمنتهى الصراحة والصرامة، والوقاحة أيضاً، خصوصاً وأن سياسياً هولندياً كارها للإسلام والمسلمين، ألا وهو النائب «فيلدز خيرت» يتصدر هو ورئيس الحكومة ووزراء آخرون حملة لا يخفى عنوانها على أحد: منع تركيا من التحول إلى دولة أوروبية، واخراجها بسرعة من الناتو.
وفي الواقع، فإن المحادثات بهذا الخصوص والتي بوشر بها منذ ما قبل سنوات «الربيع» الشرق الأوسطي المدمّر كانت تتعرض على الدوام للفشل المتكرر على خلفية سلسلة من الشروط الأوروبية التعجيزية ولكنْ دون الإفصاح عن السبب الوحيد ألا وهو إسلامية تركيا التي استعادها أردوغان بعد أن أهانها المجرم أتاتورك وصادر القرآن وحاصر المساجد وغيّر اللغة التركية لأن حروفها عربية إسلامية.
غير أن النقاط الآن وضعت على الحروف، وصارت صاحبة أقوى جيش أطلسي، تركيا المسلمة، تتعجل هي نفسها الخروج من الناتو، ومن مفاوضات الانضمام إلى اتحاد لا يرحب فيها أصلاً.
وإذا كانت ألمانيا وهولندا والنمسا في مقدمة الدول التي أخذت على عاتقها المطالبة بمنع التجمهرات التركية الرامية إلى إبداء ملايين الأتراك في الدول الأوروبية دعمهم للتعديلات الدستورية التي تمنح أردوغان صلاحيات رئاسية جديدة، ومباركتهم دخول البلاد مرحلة الحكم الرئاسي، فقد لجأت ميركل في الساعات الأخيرة إلى تلطيف الأجواء مع أردوغان عندما قررت منع حزب العمال الكردستاني الإرهابي من رفع لافتات معادية لتركيا أو صور لأوجلان أو غولن في الأراضي الألمانية.
لم تفعل ميركل ذلك حباً بأردوغان أو سياساته، ولكن لأنه لوح بجدية خلال الأسابيع الأخيرة من احتمال تخلي حكومته عن قرارها منع اللاجئين من التدفق على أوروبا بمئات الآلاف. وفي الوقت ذاته حذرت أنقرة من أنها ستفرض عقوبات اقتصادية وسياسية شديدة ضد هولندا.
وجاء التهديد التركي بإغراق أوروبا باللاجئين في أعقاب ما قالته صحف ألمانية حول وقف المساعدات المالية الأوروبية لتركيا في إطار مفاوضات العضوية الكاملة في الاتحاد، المجمدة منذ حين.
وقد أخذت الأزمة المتصاعدة منحى خطيراً عندما رفضت السلطات الهولندية السماح لوزير خارجية تركيا بالهبوط في هولندا لمخاطبة فعالية جماهيرية مؤيدة للنظام الرئاسي في تركيا.
وتصاعدت الأزمة أكثر عندما أعاد الهولنديون وزيرة تركية زائرة براً إلى ألمانيا من حيث أتت، ما دفع أردوغان ويلدريم إلى اتهام هولندا باتباع أساليب نازية. ومع تفجر الأزمة إلى هذا الحد، نتوقع تسارعاً في مسارها سيفضي في النهاية إلى انسحاب تركيا من الأطلسي ومن أوروبا، ما يدخل المسرة إلى قلب بوتين !

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
13/03/2017
2056