+ A
A -
ألقى «لورنزو فيدينو» الخبيرالمتميز في الشؤون الإسلامية في أوروبا وشمال إفريقيا، أضواء ساطعة على «إشكالية الإخوان» في غمرة انشغال واشنطن بنقاش مطول حول ما إذا كان يجب اعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهابية أم لا.
بدا فيدينو متوازناً في دراسته المبدعة عندما لاحظ بحرفية عالية مكامن تلك الإشكالية وتعقيداتها وعواقب القرار الغربي حول كيفية التعامل مع تنظيم ممتد وله ملايين الفروع في العالم، مثل تنظيم الإخوان.
وفيما تفكر إدارة ترامب مدفوعة بضغوط من بعض أعضاء الكونغرس والدول المعادية لحركة الإخوان، في تصنيفها كحركة إرهابية، فإن عليها ألا تغفل على سبيل المثال أن الجماعة تبنت سياسة سلمية جعلتها في نظر الكثيرين حاجزاً أمام التطرف.
ويدعو الخبير المذكور الذي يضع الإخوان المسلمين في مكان «بالمنتصف»، إلى انتهاج مسلك حذر ودقيق وعدم تشويه الجماعة بطريقة مبالغ فيها من خلال تصويرها وكأنها نسخة من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
وإذْ يقر الباحث بأن العديد من الإرهابيين كانوا في وقت من الأوقات ينتمون للإخوان المسلمين، وبأن أعداءهم يصفونهم بعرابي الإرهاب المعاصر وهم في الواقع ــ كما يزعمون ــ ذئاب ماكرة في ثياب حِملان، فإن المدافعين عنهم ينظرون إليهم كقوة دينية محافظة تخلت عن الرصاص لصالح صناديق الاقتراع، وأصبحت مصدراً لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ودمج المسلمين في المجتمع الغربي، وحصناً منيعاً ضد الجهاديين المزعومين.
هنا إذن مكمن الإشكالية تجاه جماعة ذات انتشار واسع في كل أنحاء العالم، ولديها ملايين الأعضاء وعشرات الملايين من الأنصار، مما يجعلها أكبر المنظمات الإسلامية ــ السياسية العابرة للقارات والتي لا يقل نشاطها في الغرب عنه في الدول العربية والإسلامية.
ويقول فيدينو إن تحديد متى يكون شخص أو منظمة جزءاً من الإخوان ومتى لا يكون، ليس مهمة سهلة، مع ضرورة الإشارة إلى أن الجماعة نجحت في تأسيس كيانات تعليمية وخيرية وسياسية على المستوى العالمي، وأنه يربطها معاً اعتقاد عميق بالإسلام كطريقة شاملة للحياة، ستتحول في النهاية إلى نظام سياسي حاكم.
وإذْ بدأت بريطانيا عام «2014» أهم دراسة غربية على المستوى الحكومي لتقييم أهداف واستراتيجية الإخوان المسلمين، فإن السؤال المركزي يدور باستمرار حول ما إذا كانت الجماعة تؤيد العنف أو ترفضه.
وفي هذا الإطار يعتقد الباحثون في بريطانيا أن تلك النقطة بالذات شقَّتْ المحللين وصناع القرار إلى نصفين، وخلصوا إلى أن اللون الرمادي يتفوق على الأبيض والأسود فيما يتصل بهذه القضية، لكنهم يرون أن الجماعة في جزئها الأكبر تفضل تكتيكا غير عنيف، من منطلق أن المعارضة السياسية ستختفي عندما تستكمل عملية الأسلمة.
وحتى تكتمل صورة هذه الإشكالية، يضيف الخبراء البريطانيون أن الإخوان قد يكونون مستعدين لتشجيع العنف بين الحين والآخر حين لا يثبت النهج السلمي التدريجي فعاليته.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/03/2017
1808