+ A
A -
ودع المفاوضون جنيف «السورية» وبحوزتهم أربع سلال هي حصيلة جولة من المفاوضات استمرت أسبوعا.
ووفق دبلوماسيين حضروا في جنيف، من المقرر أن تعود طواقم المفاوضين من الطرفين؛ النظام والمعارضة، إضافة لممثلي الدول الراعية، قبل نهاية الشهر الحالي لبدء جولة جديدة، وصفت بالاختبار الأهم لمسار التسوية السياسية للأزمة السورية.
تحمل السلال الأربع التي اتفق عليها الجانبان، كما أعلن المبعوث الدولي ديمستورا، الملفات الحاسمة للحل؛ المرحلة الانتقالية، الدستور، الانتخابات، ومحاربة الإرهاب، تمثل القضايا الأربع عناوين المفاوضات للمرحلة المقبلة، التي ستمتد لثمانية عشر شهرا؛ستة أشهر للمفاوضات، وستة مثلها للمرحلة الانتقالية،والستة الأخيرة للانتخابات العامة.
المفاوضات ستمضي بالتوازي في الملفات الأربعة، ويمكن لمسار منها أن ينتهي قبل الآخر، ويوضع على الرف بانتظار التنفيذ ضمن الجدول الزمني المشار إليه سابقا.
في الجولة المقبلة سيبدأ المفاوضون من الطرفين ولأول مرة الخوض في تفاصيل الدستور الجديد لسوريا، وآليات المرحلة الانتقالية، وهي أصعب مواضيع البحث، والقانون الذي ستجري عليه انتخابات رئاسية وتشريعية في عموم سوريا أواخر العام المقبل.
هل ما حصل في جنيف اختراق غير مسبوق، ولماذا؟
بالقياس لنتائج الجولتين الأخيرتين، بدا ما تحقق أخيرا إنجازا، ولو أنه في حقيقة الأمر عودة إلى مربع «جنيف2» قبل نحو سنة تقريبا، عندما توصل المتفاوضون لجدول أعمال عد في حينه تقدما مهما، حصل ذلك بفعل عدة عوامل، أهمها صمود وقف إطلاق النار النسبي في العديد من مناطق سوريا، والتفاهمات الروسية التركية، والتناغم بين موسكو والإدارة الجديدة في واشنطن، وإن كان هذا العامل ما يزال محل شك، لعدم تبلور استراتيجية أميركية واضحة حيال سوريا.
ولهذه الاعتبارات، وجدت مختلف الاطراف السورية، تتحرك وتفاوض تحت ضغط ميداني محدود نسبيا مقارنة مع جولات سابقة، كان فيها الميزان العسكري المشتعل هو الفيصل في غرف المباحثات.
من هنا يمكن القول إن عملية آستانة، ساهمت إلى حد كبير في تحريك عجلة الدبلوماسية، في وقت حرصت فيه كل الأطراف على أن لاتتعدى «آستانة» على صلاحيات«جنيف»، بحيث يظل دور عملية آستانة محصورا في تثبيت وقف إطلاق النار، وإدارة الأوضاع الميدانية المتعلقة في الحرب على الإرهاب، وتكريس حالة التهدئة، وتوسيع نطاقها،فيما تكون مهمة مفاوضات جنيف، كما هي منذ انطلاقها، بوصفها إطارا للحل السياسي وفق بيان جنيف الأول، وعلى أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
لم يلتق وفدا المعارضة والنظام وجها لوجه سوى في جلسة الافتتاح،لكن في الجولات المقبلة عليهما أن يجلسا في غرفة واحدة مع المبعوث الدولي مرات عديدة لشق مستقبل جديد لشعب سوريا بعد نحو ست سنوات من العذاب.
لا يمكن التنبؤ بما يحصل، فقد علمتنا تجربة السنوات الماضية أن لا نركن للبيانات، والتطمينات الأممية، إذا يكفي هجوم كيماوي من جانب النظام أو داعش أن يعيدنا لنقطة الصفر من جديد، ثم هناك العامل الأميركي الذي لم تتكشف نواياه بعد،إضافة للدور الإيراني الذي لا يكل من وضع العصي في الدولايب لإعاقة الحل السياسي في سوريا، وإبقاء الجبهات مشتعلة، ليتسنى له استثمار الوضع بتوسيع سيطرة على المزيد من الأراضي السورية، وفرض أمر واقع إيراني في قلب المنطقة العربية.
قبل جولة جنيف المقبلة، من المتوقع أن تعقد جولة اخرى من المباحثات الأمنية والعسكرية في آستانة، لتقييم الأوضاع في الميدان، ومعالجة البؤر الساخنة، والخروقات، حتى يعود المفاوضون لجنيف بسلال فارغة.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
09/03/2017
4414