+ A
A -
انضمت تركيا إلى «الناتو» في فبراير 1952، وخلال الحرب الباردة لعبت الجغرافيا التركية دور الجناح الجنوبي في مواجهة الاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى الدور المهم الذي أنيط بها لحماية المصالح الاستراتيجية للحلف الساعية إلى تطوير الدرع الصاروخية وحماية الأراضي الأوروبية من تهديد الصواريخ البالستية، وعلى مدى عقود كانت تركيا بمثابة «رأس الحربة» دفاعاً عن أمن الغرب، ومازالت الحاجة إليها ماسة، على الرغم من تفكك الاتحاد السوفياتي، وبروز عوامل وتحديات جديدة.
في 22 فبراير الماضي، قال وزير الدفاع التركي فكري إشيق: إن المحادثات الجارية بين تركيا وروسيا بخصوص شراء أنقرة صواريخ إس400 لمنظومة دفاع جوي محلية «تحرز تقدماً كبيراً»، وكما هو معروف فإن هذه الصواريخ قادرة على رصد وتدمير الأهداف من على بعد 400 كلم وتشمل تلك الأهداف الطائرات والصواريخ البالستية وصواريخ كروز، ويُنظر إليها باعتبارها أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً حتى اليوم.
هذا الأمر لا بد أن يتم التوقف عنده ملياً، فهو يقود لمجموعة من المؤشرات المهمة تعكس، في أحد جوانبها، الصدع الوجودي في العلاقات بين أنقرة وحلف الناتو، وما أفرزه ذلك من حسابات جديدة، نتيجة التصور السائد في أنقرة بأن حلف شمال الأطلسي متورط، بطريقة ما، في محاولة الانقلاب بسبب الدور الفعال الذي لعبته وحدات عسكرية تشكل جزءاً من فيلق الانتشار السريع التركي في الحلف.
كل هذه التطورات والإشارات تلقفتها موسكو بعناية واهتمام، وعندما نتأمل طبيعة العلاقات التركية- الروسية اليوم، سوف نجد أن من مصلحة الطرفين بناء علاقة جديدة مختلفة تماماً تقوم على المصالح الثنائية، بعيدًا عن الدور النمطي الذي أراده الغرب لأنقرة كرأس حربة دفاعا عن أمنه، دون أن يقدم في المقابل أي شيء يذكر، بما في ذلك المماطلة الواضحة على صعيد ضم تركيا للنادي الأوروبي. من هنا فإن تسليح الجيش التركي بمنظومات دفاعية روسية متقدمة يعني أن تحالفات الماضي، ربما باتت من الماضي، وهذا جوهر صفقة «أس 400»، فيما لو تمت فعلاً.

بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
02/03/2017
4340