+ A
A -
في نهاية الأسبوع الماضي قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بزيارة رسمية إلى لبنان التقى خلالها كبار المسؤولين. وما إن وطئت قدماه أرض المطار حتى اندلعت اشتباكات في عين الحلوة جنوبا، أكبر المخيمات الفلسطينية، شرق مدينة صيدا، بين مناصري «أبو مازن» ومعارضيه من إسلاميين متشددين و«ممانعين». فأحوال المخيمات تعكس منذ زمن حال الصراع على السلطة داخل الساحة الفلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس»، وبين من يعتبر من جهة ان المقاومة المسلحة والعمليات الانتحارية هي الاسلوب الوحيد للمواجهة مع اسرائيل مثل التنظيمات الإسلامية المتشددة وتلك التي تدين بالولاء للنظام السوري وإيران، ومن يرى من جهة أخرى ان الحل السلمي والمفاوضات هي الأنجع والأقل كلفة على الفلسطينيين، وتحديدا في الأراضي المحتلة. علما بأن لا هذا ولا ذاك الخيار قد يمكن من اجبار اسرائيل على التراجع ولو خطوة واحدة عن سياساتها العدوانية والاستيطانية.
خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الجمهورية ميشال عون قال عباس ان الفلسطينيين «ضيوف في لبنان وتحت سقف القانون بانتظار عودتهم الأكيدة إلى أرضهم». ولم يجد حرجاً في الاعتراف، في لقاء آخر، انه «مجبر للتنسيق مع الجانب الإسرائيلي» أقله في ما يخص الأمور المالية. أما عون فقد حمله بدوره مسؤولية «الاستقرار» في المخيمات. كلام عباس زاد من غضب المتشددين و«الممانعين» الذين يتهمونه بـ«المساومة» هم الذين يقيمون عمليا «دويلتهم» في عين الحلوة! وغادر ابو مازن على وقع تجدد الاشتباكات.
وقبل عباس بأيام وصلت إلى بيروت زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة والمرشحة للرئاسة الفرنسية مارين لوبان في سياق حملتها الانتخابية، إذ يوجد في لبنان ما لا يقل عن 23 ألف ناخب يحق لهم الاقتراع في الانتخابات الرئاسية. وفي جولتها على المسؤولين والسياسيين تبنت لوبان «الخط الممانع» حاملة لواء الدفاع عن بشار الأسد و«حماية مسيحيي الشرق» من الإرهاب و«التطرف الإسلامي». وكانت المفاجأة استقبال رئيس الجمهورية لها، وتعبير سعد الحريري عن اختلافه معها: «الإرهاب لا دين له وإن المسلمين هم ضحاياه». أما سمير جعجع فأسمعها ان «الأسد هو أكبر إرهابي». وقد وصلت بها الوقاحة إلى استغلال موقع دار الفتوى لتوظيفه في حملتها الرئاسية على المسلمين بعدما امتنع المفتي عن استقبالها لرفضها وضع غطاء على رأسها. إن محاولة لوبان استعمال لبنان منصة لحملتها العنصرية تصدى لها كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بطردها من لبنان، فيما ساد الارباك أطراف «الممانعة» الذين التزموا الصمت. غير ان المفارقة كانت في توجيه القضاء الفرنسي لها فور عودتها تهمة فساد مالي واستدعائها للتحقيق.
أما الواقعة الثالثة فكانت تعتيم «حزب الله» على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت قبل ايام قوافل تابعة له في سوريا ونفيه حتى حصول الغارة، علما بأن الأمين العام حسن نصرالله هدد وتوعد اسرائيل في اطلالته الأخيرة التي سبقت الغارة بأيام بانه سيقصف مفاعل ديمونا اذا لم يتم تفكيكه. والأنكى من ذلك ان اسرائيل نفذت غارتها على جبال القطيفة في سوريا، انطلاقا من الأجواء اللبنانية فوق بعلبك. وقد أسفر هذا الاستهداف الذي تناقلته معظم وسائل الاعلام عن سقوط عدد من القتلى.
لا شك ان خسائر «حزب الله» البشرية في سوريا بدأت تنعكس على حاضنته إذ أصبح عدد القتلى بالآلاف، ناهيك عما يترتب من أعباء مادية لم يعد الحزب قادرا على تحملها، وتحديدا المتعلقة بعوائل الضحايا. وهذا ما دفعه إلى اطلاق حملة «تجهيز مجاهد» التي دعت للتبرع للمقاتلين بكل الوسائل، موضحة أنّه «واجب شرعي». وقد استعان مطلقو الحملة برجال الدين الشيعة الملتزمين بقيادة «الولي الفقيه» لإضفاء الشرعية عليها.
والأغرب من ذلك ان الحزب «المقاوم» ليس فقط تجاهل الأمر ولم يبد أي ردة فعل رغم تهديداته، ولكنه أعلن على لسان نائب نصرالله نعيم قاسم ان «ليس من الضروري ان يعرف الرأي العام ما يحصل أو ما لا يحصل»!
بقلم: سعد كيوان
copy short url   نسخ
28/02/2017
4242