+ A
A -
فجّرت زيارة أردوغان الأخيرة للسعودية خلافاً مكبوتاً بين تركيا وإيران، وصل إلى حد تهديد طهران بقطع علاقاتها مع أنقرة، أو على الأقل خفض مستواها. ومن خلال تفحص موقف القيادة الإيرانية، نكتشف عَوَجاً في التفكير والتدبير، ذلك أنها لا تريد أن تقترب تركيا من السعودية، معلنة على لسان روحاني نفسه أنها غير راضية عن تنسيق متجدد بين أنقرة والرياض، معتبراً أن أردوغان اصطف إلى جانب أعداء بلاده .. يا سلام!!
ماذا إذن يريد روحاني أو خامنئي أو ظريف؟ هل يريدون أن تقف تركيا مع إيران ضد السعودية ؟ لقد أثلج صدورنا أن يتقارب العملاقان السُنيان ضد الحرب الطائفية التي فرضتها طهران على المنطقة، مع ضرورة إدراك طهران أن هذا هو ما يجب أن يحدث، بهدف التصدي للميليشيات الشيعية الإرهابية المكلفة بتنفيذ مشروع الهلال الشيعي من العراق إلى لبنان، كما ينص المخطط التآمري.
وكان وزير خارجية تركيا مولود شاوش أوغلو على حق عندما اتهم إيران بالعمل على تحويل سوريا والعراق إلى دولتين شيعيتين، واصفا الدور الإيراني في المنطقة بأنه مزعزع للاستقرار، ومقوض للأمن، ومطالباً دولة الملالي بوقف السياسات الطائفية الفاضحة التي ينتهجها حكام طهران، وبالكف عن السعي لتقسيم الإقليم على أسس مذهبية.
كلام الوزير التركي أطار صواب إيران، خاصة وأنه جاء في أعقاب قول أوغلو نفسه: «إنه أمر خطير جداً إرسال مقاتلين شيعة إلى الموصل التي يبلغ سكانها السُنة 99 %»، وبعد أسابيع من تصريح أردوغان علناً بأن «طهران تعمل على تعزيز القومية الفارسية في جهد مكشوف لتأجيج الصراع في الإقليم».
وإذا كانت الخارجية الإيرانية المستاءة قد استدعت السفير التركي واحتجت بشدة على تصريحات المسؤولين الأتراك، فقد ردت أنقرة على ذلك بدعوة إيران إلى مراجعة سياساتها الإقليمية، متهمة إياها ليس فقط بزعزعة استقرار العالم العربي، وإنما بإرسال لاجئين يحتمون من الأزمات الإقليمية، إلى مناطق الحروب التي تديرها.
وتشعر إيران الحليف الأول للطاغية الذي يحكم دمشق، بعدم الارتياح لوجود قوات تركية في شمال سوريا باركتها روسيا وأميركا، بهدف إقامة منطقة آمنة للاجئين هناك ومنع تحول الشمال السوري إلى كيان كردي إرهابي يهدد تركيا.
ولا تخفي طهران خشيتها من أن ينعكس وجود نفوذ تركي عسكري في شمال سوريا، سلباً على نظام الأسد الذي يعتبره الإيرانيون محوراً للهلال الشيعي الذي يبدو أن واشنطن مصممة على إفشاله، بتفاهم سري مع موسكو.
في النهاية نقول إن الدعم التركي الشامل للرؤية العربية التي تقودها السعودية، وانقلاب ترامب على «تشيُّع» أوباما، وإعلانه وقوف واشنطن مع الرياض ضد طهران، عوامل كفيلة بتحجيم إيران وانكفائها وتراجعها عن كثير من المكاسب غير المشروعة التي حصلت عليها بالإكراه.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
23/02/2017
2312