+ A
A -
شاشتُك المريحة لعينيك على مستوى الصورة تَقْفِزُ بك من حَلبة فضائية إلى أخرى، الملاكِم فيها القناةُ وصُنَّاعُ قَرارِها، ومن يتلقى اللكماتِ تباعا هو أنتَ. هذا ما سَتَجِدُهُ إذا وَجَدْتَ الوقتَ والشهيةَ للتنقل من قناة إلى أخرى عبر جهاز التحكم عن بُعد.
الأمر نفسه يبدو لك جليا بمجرد أن تُبْحِرَ في النت، إلى درجةٍ تُصيبك بالنفور نتيجة التكرار الْمُمِلّ للبرامج نفسها المنسوخة والممسوخة بما تفعلُه بالمتبارين (الذين يتحولون إلى فئران تجارب).
عندما تَبحث عن معنى كلمة «إلهاء» في اللغة العربية، ستجد أنها مصدر للفعل «ألهى، يُلهي»، ومعناه: شَغَلَكَ عن الأَهَمّ. أفلا يُؤْسِفُكَ حقيقةً أن تَكون هذه هي رسالة برامج اكتشاف المواهب في زمن يَغْلي فيه الشارعُ العربي غليانا لا يَشعر به إلا مَن يَجْلده الوضعُ العربي جَلْدا؟!
مئات وآلاف وملايين يُضْرَبون، ومئات وآلاف وملايين يَهْربون. الفئة الأولى تُضْرَبُ اقتصاديا وأمنيا، تُضْرَبُ بغير إرادتها. والفئة الثانية تَهرُبُ إلى الغناء والعَبَث، تَهْرُب بغير إرادتها.
كيف يُرَبِّي الواحدُ أبناءَه على قِيم التضامن وهو يرى كيف أن التضامن المسكين يُضْرَب به عرض الحائط إلى أن تَحَوَّلَ إلى جُثَّة، جُثَّة ثقيلة يَجرُّها الزمنُ.
بين الجارِّ (الزمن) والمجرورِ (أنتَ أو غيرك) يُعَلَّقُ الإنسانُ على عمود اللامبالاة الذي يُنْسيه ما معنى أن يَفْرَحَ لِفَرَح أخيه ويَحْزَن لِحُزْن أخيه الإنسان.
المنكوبون يتوجعون ويصرخون، لكن صَرْخَتَهُم تموت واقفة، صَرْخَتهم لا تَصِلُ إلى من يهمُّهُم الأمرُ، لأن من يهمهم الأمرُ مشغولون وعُذْرُهم أنهم يُصَفِّقُون، ولا يختلف اثنان في أن أصوات التصفيق تَخنقُ صوتَ الصرخة.
مرة كان رجُل يتأهب للخروج للقاء عَمَل يُشَكِّلُ لحظة انتقالية في حياته، لكن بينما هو جالس على طاولة الإفطار اندلق فنجان قهوته على ثيابه.. الكل سأله لاحقا هل رَحمَه الوقتُ ليُغير ثيابَه ويلتزم بموعد اللقاء، إلا المسكينة أُمّه التي سألَتْه: «هل احترقتَ يا ولدي وهل توجعتَ؟»!
القصد: لا يشعر بالشوكة إلا مَن تَخِزُه أو هذا الذي يرتبط بحبل مشيمي يسمى العاطفة. وفي غياب التعاطف، وفي خضم ما يعرفه الشارع العربي من تحولات قاتلة، لا تستغربْ إن وجدْتَ نَفْسَك وقد تَحَوَّلْتَ إلى قطعة من قلبين: قلب تأكله «العصا» لأنه ثار على الوضع الراهن واحتجَّ رافضا، وقلب تَمَّ تنويمُه بفعل فاعِل، فلا هو برافض للوضع الراهن ولا هو برافض للعصا..
نَافِذَةُ الرُّوح:
«أُنَقِّبُ في دفتر أيامي عن يوم مُشْمِس فلا أَجِدُ إلا آثار قَدَمَي الغيمة».
«في السقوط دَرْس يُعَلِّمُكَ أن تَلتفتَ إلى كل حَجَر عثرة يَعترض خُطاك».
«مِن حق الليل أن يَبكيَ حين يَأْخُذُ منه النهارُ الخائنُ معطفَه الأسود الذي يُخَبِّئُ حُزْنَه.
«تَصَرَّفْ كما لو أنك في استوديو تَصوير، كُنْ جاهزا دائما بابتسامة دافئة».
«رَطِّبْ صَوْتَكَ وأَنْتَ تُعاتِبُها.. أَخْشَى أَنْ تَجْرَحَ شَفَتَيْكَ».
«شُرفة وشموع.. وصَوْتُ EDITH PIAF يُلَوِّنُ الزمنَ ويَعِدُ بحياةٍ وردية (LA VIE EN ROSE)».

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
23/02/2017
6384