+ A
A -
في الوقت الذي بدا فيه الناس على كوكب الأرض وكأنهم قد تفرغوا للاقتتال والمشاحنات والنزاعات، وفي أحسن الأحوال تبادل الاتهامات والانتهاكات، ينطلق من الدوحة شعاع أمل لمداواة جراح المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذا العالم الظالم أهله.
نعم بلا مبالغة رأينا على شاشات الفضائيات الكثير من الأبرياء في مناطق الصراعات الذين نزل بهم ما نزل من الأذى والبلاء، يتمنون الموت بكرامة بدلا من الموت بذل ومهانة، إذ يلقون حتفهم إما بآلة الحرب العمياء التي لا تفرق بين الجاني والبريء، أو الموت جوعا بفعل الحصار، أو الموت في عرض البحر في أثناء محاولات الهروب من جحيم الحروب.
رأينا آلات الحرب تقتل التلاميذ في المدارس، وتحصد الأطفال الرضع والشيوخ الركع، وسمعنا صرخات الأطفال اليتامى والأمهات الثكالى، دون أن نسمع صرخة من ضمير حي يطالب بحقوق الإنسان في مناطق الصراعات والنزاعات تلك، إلا هذا الصوت الذي ارتفع من الدوحة ممثلا في أعمال المؤتمر الدولي حول مقاربات حقوق الإنسان في مواجهة حالات الصراع بالمنطقة العربية، الذي نظمته هذا الأسبوع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزارء وزير الداخلية.
وقد خُصص المؤتمر لمناقشة حقوق الإنسان خلال الصراعات في المنطقة العربية، لأنه لا يخفى على أحد أن معظم الصراعات الموجودة على كوكب الأرض تركزت في المنطقة العربية، كما هو الحال في كل من سوريا والعراق واليمن على سبيل المثال، وقبل هذه المناطق جميعا تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني على أيدي الاحتلال الاسرائيلي الذي يضرب بكل تشريعات حقوق الإنسان عرض الحائط.
كل ما نتمناه ألا يظل العالم مغمضا عينيه لا مباليا، وإنما يستيقظ من سباته الذي طال كثيرا، فيستمع لهذا الصوت العالي المتمثل في المؤتمر الذي احتضنته دولتنا الحبيبة قطر، ويتجاوب مع ما نادى به حيث شارك في هذا المؤتمر أكثر من 320 منظمة إقليمية ودولية وحكومية وغير حكومية، معنية بحماية حقوق الإنسان وفض النزاعات وحفظ السلام، وتحدث فيه الكثير من الشخصيات رفيعة المستوى مثل السيدة كيث جيلمور نائب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والدكتور محمد علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، والدكتور الطيب البكوش الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، وسعادة السيد حمد بن راشد المري الأمين العام المساعد للشؤون القانونية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الأخرى وكبار الضيوف.
ها هي قطر التي أخذت على عاتقها أن تكون قوة للخير والسلام تعمل من أجل المستضعفين الذين أهملهم الجميع، إنها حقا كعبة المضيوم.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
23/02/2017
5510