+ A
A -
عادت للتواتر تلك النغمة «الإسرائيلية»، القديمة، الجديدة، والمُتعلقة بما تُسميه سلطات الاحتلال بــ «حق إسرائيل في الاستيطان الآمن» في المناطق الحيوية لأمن «إسرائيل»، عادت تلك النغمة على لسان العديد من أصحاب القرار في «إسرائيل» ومن بينهم رأس الهرم في القرار الحكومي بنيامين نتانياهو، وذلك بعد أن كانت تلك النغمة والمقولة قد اختفت خلال السنوات الطويلة الماضية، واستعيض عنها بفرض الوقائع التهويدية الديمغرافية على الأرض مُباشرة، ودون الحديث عن «استيطان آمن» أو غير آمن.

لاحظوا فجاجة العبارة إياها: «الاستيطان الآمن»، ولاحظوا مدى التزوير والتلفيق الذي يكتنفها، لتبرير سلب الأرض وتهويدها، وجلب المُستعمِرين اليها من بقاع الأرض، وهي نغمة أو عبارة، كان قد أطلقها أوائل سبعينيات القرن الماضي الجنرال إيغال آلون، الذي يُعتبر من أعمدة وعتاولة رجالات الحرس القديم في الحركة الصهيونية، ومن قادة مجموعات وعصابات «الهاجاناة» إبان نكبة فلسطين.

إن مقولة «الاستيطان الآمن» التي نَظَّرَ لها قادة «إسرائيليون» تبنتها الولايات المتحدة، وروّجت لها، في عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون أوائل سبعينيات القرن الماضي، حين تَحَدَثَت تلك الإدارة عن ما أسمته حق «إسرائيل بحدود آمنة يُمكن الدفاع عنها»، وبالتالي حقها في الاحتفاظ والسيطرة على مناطق ذات أهمية استراتيجية لأمنها ومستقبلها في الأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان العربي السوري.

وفي سياق تلك النغمة والرؤية، أو المقولة، يقود رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو الآن حملات التحريض ضد الشعب الفلسطيني، فكانت آخر هذه الحملات التصريحات التي أطلقها في ذكرى وفاة الجنرال أرئيل شارون قبل أيامٍ خلت، والتي أكد فيها «رفض نقل أي سيطرة جديدة للسلطة الفلسطينية على الأرض أو صلاحيات للفلسطينيين في المستقبل» باعتبارها «تَمِسُ أمن إسرائيل ومناطق ضرورية لأمنها»، وعن قناعته بـ «عدم جدوى التوصل إلى أي اتفاقيات مع الفلسطينيين»، مؤكداً انحيازه لخيار القوة والحلول العسكرية والأمنية، وبالتالي في إدامة سياسة التهجير والتطهير العرقي الصامت، وخاصة في منطقة القدس الكبرى ومحيطها.

إن كل عملية التسوية، الميتة سريرياً بالأصل، ومنذ سنواتٍ طويلة، تَلفُظُ أنفاسها الأخيرة، حين تَعُودُ مقولة «الاستيطان الآمن» لتتحول الآن مُجدداً إلى واقع مادي على الأرض، وبالتالي لا سبيل ولا طريق لعودة إحياء عملية التسوية مادام غول الاستيطان يزحف فوق الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي مناطق القدس على وجه الخصوص، حيث يجري حالياً وبشكلٍ مُتسارع تسمين وتوسيع رقعة الواقع الاستيطاني التهويدي. فقد بدأت مؤخراً عملياً مشاريع بناء نحو ألف وحدة استيطانية جديدة في اربع مستعمرات في القدس الشرقية المحتلة عام 1967، وتحديداً في مستعمرة مستوطنة «حومات شموئيل»، التي اقيمت على اراضي المواطنين الفلسطينيين عام 1977 ويصل عدد سكانها اليوم نحو ثلاثين ألف مستوطن جاؤوا من الولايات المتحدة، وفي مستوطنة «بسغات زئيف» التي يصل عدد سكانها نحو أربعين ألف مستوطن، وفي مستوطنة «معاليه ادوميم»،

وفي مستوطنة «موديعين»، عدا عن التوسع الاستيطاني التهويدي في العديد من الأحياء المقدسية العربية الفلسطينية في شعفاط، ورأس العامود، وحي واد ياصول الواقع جنوب المسجد الأقصى، وبلدة حزما إلى الشرق من مدينة القدس المحتلة، وحي عين اللوزة ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، وحي العيساوية شرق القدس المحتلة، وحي وادي حلوة ببلدة سلوان.



بقلم : علي بدوان

copy short url   نسخ
11/03/2016
14480