+ A
A -
تحمل زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى كل من سلطنة عُمان والكويت والجزائر جملة من الإشارات والدلالات، لكن في ذات الوقت تحمل تناقضاً كبيراً ايضاً. الزيارات التي لم تجر الإشارة اليها قبل حدوثها، أتت في توقيت مثير للانتباه. الرئيس روحاني في الأشهر القليلة الباقية من رئاسته هو بلا شك أمام تحدٍ كبيرٍ مع الإدارة الاميركية الجديدة التي يتزعمها دونالد ترامب، كما أن حكومته لم تنجح في تنفيذ وعودها في تحسين الوضع الاقتصادي والذي كان من المفترض أن يحدث بسبب رفع العقوبات. فلا رفع العقوبات ساهم في تحسين الوضع الاقتصادي ولا العلاقة مع الغرب ساعدت حكومة روحاني في الحصول على مزيد من الدعم الشعبي. ما يمكن التأكيد عليه أنه في ظل كل ذلك فإن روحاني أمام تحدٍ داخلي بدأ منذ اليوم الأول لانتخاب ترامب بحيث إن القوى الدينية والعسكرية المتشددة وجدت في ذلك فرصة لرفع شعبيتها على حساب الرئيس وحكومته.
بالتزامن مع كل ذلك فإن سلوك الإدارة الاميركية الجديدة وفرض عقوبات جديدة لا يشكل تحدياً للرئيس وحكومته فقط بل للمؤسسة السياسية برمتها، من هنا تأتي محاولة الخروج من عنق الزجاجة عبر دبلوماسية الزيارات الرئاسية. هذه الجولة وبالنظر إلى علاقات إيران مع كل من الدول التي زارها الرئيس يبدو جلياً أن الأهداف متعددة. ففي زيارة عُمان ما يشير إلى تاريخ الوساطة العمانية بين طهران وواشنطن، كما أن هناك ما يشير إلى الموقف السياسي المختلف من تطورات اليمن.
إضافة إلى ذلك ثمة تعاون اقتصادي لا سيما في توريد الغاز الإيراني إلى سلطنة عُمان. إيران تريد علاقة قوية مع دول خليجية لكن ليس بالضرورة من كل الدول الخليجية، هكذا كان مسار سياسة إيران الخارجية للجمهورية الإسلامية. في هذا السياق يمكن فهم الزيارة إلى الكويت والتي تأتي بعد الحديث عن وساطة كويتية تمت خلال زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى طهران في يناير 2017. الوساطة بالضرورة تركز على العلاقات السعودية الإيرانية وسبل انهاء الخلاف بين البلدين.
المحاولة الإيرانية في تحسين العلاقة مع الرياض تواجه احتمالية عدم النجاح بالنظر إلى أن إيران تحاول إرسال رسائل سلبية إلى الرياض من خلال محاولة طهران تطوير العلاقة مع الجزائر بشكل متزامن مع جهد سعودي مماثل. في هذا السياق لا يجب الفصل بين زيارة روحاني وبين الوضع الاقتصادي في إيران والذي تأثر كثيراً بالأسعار المنخفضة لبرميل النفط والتي لا يبدو أنها ستتغير قريباً، إذ تحاول إيران بناء تحالفات مع دول داخل أوبك تنتقد الانخفاض المستمر في الأسعار. تحاول إيران أيضاً بناء علاقة مع الجزائر لتعويض الخسائر التي منيت بها اقتصادياً وسياسياً في سوريا، يشمل هذا بناء مصانع للسيارات التي تنتجها إيران والتي يعد بعضها فرنسياً.
تبدو دبلوماسية الزيارات الرئاسية محدودة في نتائجها بالنظر إلى الحرب الإعلامية التي ما زالت مستمرة، كما أن إيران بالنسبة للرياض لم تقدم أي دليل حُسن نوايا يساعد أي وسيط سياسي. هذا الأمر قد يضاعف التحديات السياسية الداخلية والخارجية الإيرانية. داخلياً ستشتد حرارة المنافسة الانتخابية وستدفع إلى مستوى أعلى من العدائية في التنافس. أما خارجياً فإن التحالف التركي ــ الروسي ــ الاميركي والاستمرار في سياسة بناء المناطق الآمنة في سوريا يضع كل ما فعلته إيران وتفعله في سوريا في مهب الريح، ناهيك أنه ضاعف ويضاعف مشاعر الكراهية نحوها.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
22/02/2017
4393