+ A
A -
بدا الحديث الأخير، المُتواتر قبل أيامٍ، والذي سَرَبَتهُ بعض المصادر الفلسطينية، وحتى الإسرائيلية، عن لقاء رسمي مُفترض، فلسطيني إسرائيلي، بهدف إعادة إقلاع قطار العملية التفاوضية المتوقفة منذ زمنٍ طويل، وكأنه «نكتة الموسم». فاللقاء المُفترض والذي جرى تسريب خبر موعده، يُتوقع أن يتم في يوليو 2016 القادم في وقتٍ تكون فيه الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة مُتقدمة وحاسمة في معركة الانتخابات الرئاسية، حيث بدأت الانطلاقة الرسمية للحملة الانتخابية التمهيدية داخل الحزبين الكبيرين من أجل اختيار مُمثل عن كل حزب لخوض الانتخابات الرئاسية أواخر العام 2016، وبالتالي لن يكون عندها لديها مُتسع من الاهتمام لمثل هذه اللقاءات غير المُنتجة، إلا إذا كان الهدف تضييع الوقت، وهو الهدف المُرتجى من الطرف «الإسرائيلي» على كل حال.

إن عَقِد مثل تلك اللقاءات والاجتماعات، بغياب الرعاية الدولية المُتوازنة، ودون وضوح في الأسس والمرجعيات التفاوضية، لن تُجدي نفعاً في دفع العملية السياسية. بل العكس تماماً، فهي اجتماعات الدوران على الذات، ومن خلالها تَستَغِل «إسرائيل» الوقت لاستكمال مشاريع التهويد، والتغيير الديمغرافي على الأرض في مناطق مُختلفة من الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية بشكلٍ خاص.

أما المبادرة الفرنسية، التي يجري الحديث بشأنها منذ فترة ليست بالقصيرة، فهي بدورها ليست أكثر من مُشاغلة في ظل الجمود المُطبق منذ سنواتٍ طويلة على مسار العملية التفاوضية الفلسطينية «الإسرائيلية». حيث دَفَع انشغال الولايات المتحدة الأميركية بأكثر من ملف، بما في ذلك ملف الانتخابات الرئاسية التي باتت على الأبواب، لبروز دور فرنسا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، التي اتجهت إلى أخذ نوع من المبادرة ومُعالجة ملف التسوية في المنطقة، وقد تلقفتها العديد من القيادات الفلسطينية على قاعدة «في الحركة بركة»، كتفضيل سياسي راهن ودون مراهنات، بدلاً من الجمود والفراغ السياسي القائم حالياً.

إن أفكار الوزير الفرنسي السابق لوران فابيوس بالنسبة للقدس، غامضة، وغير مقبولة، كونها تتحدث عن القدس عاصمة لدولتين، وربما يكون هذا مناسباً لدولة الإحتلال، التي قد تُعيد طرح المقترح الذي يقول «أن تكون عاصمة الفلسطينيين في بلدة (أبو ديس) أو بلدة (العيزرية) الملاصقتين للقدس، مثلاً باعتبارهما في إطار مدينة القدس».

كما أن الحديث الفرنسي المجزوء عن حدود الرابع من حزيران مع تبادل أراضي، حديث لا يتطابق مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بل ستتخذ «إسرائيل» من مقولة تبادل الأراضي منطلقاً لجر التفاوضات إلى التفاصيل بعيداً عن الجوهر مثل البؤر والكتل الاستيطانية، فضلاً عن أن أفكاراً من هذا النوع تُضفي شرعية على عمليات التهويد الاستيطان التي أكلت الأخضر قبل اليابس في مناطق مختلفة من الأراضي المحتلة عام 1967.

وعليه، إن التقدير العام، يُشير بأن القضية الفلسطينية ستبقى الغائب الأكبر في المرحلة التالية، حتى وإن تواترت وتكاثرت التصريحات والأفكار المُنطلقة من أطراف دولية، فهناك أولويات على جدول أعمال القوى الكبرى، لها علاقة بأزمات المنطقة، وهي أولويات باتت تتعدى القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات، وحتى آمدٍ منظور.

بقلم : علي بدوان

copy short url   نسخ
26/02/2016
712