+ A
A -
يقول محمد وهو في الخامسة والأربعين ويملك بقالة في عمّان: «أعرف عائلات سافر أبناؤها إلى سوريا، ولكن من الأفضل أن يموتوا هناك على أن يعودوا لتخريب وطننا». ما يقوله محمد يقوله الكثيرون ليس في الأردن ولكن في كل الدول التي «صدَّرت» مقاتلين إلى سوريا والعراق.
ومع اندفاع التحالف الدولي والقوات المتعاونة نحو الاطباق على الموصل والرقة عاصمتيْ الخلافة المزعومة، تستعد الكثير من الدول العربية لكارثة تنطوي عليها عودة المقاتلين مع داعش والنصرة، ممن ستضطرهم هزيمة التنظيمات الإرهابية إلى اللجوء للوطن.
ولكن الوطن لا يريدهم، بدليل المظاهرات المتكررة التي جرت في تونس في الأسابيع الماضية ضد عودة مواطنيها المقاتلين، فيما طالب البعض بسحب الجنسيات منهم، مؤكدين أنه لا جدوى من التثقيف وإعادة التأهيل، وأنهم سيبدؤون بمجرد العودة، بالتخطيط لعمليات انتحارية في بلدانهم.
وسلط تحقيق صحفي أجرته «كرستيان ساينس مونيتور»، الضوء على قضية التدفق الكبير للمقاتلين المهزومين، وركزت على النموذجين التونسي والأردني، مشيرة إلى أن هناك ما بين خمسة وستة آلاف مقاتل من تونس، وما بين ألفين وثلاثة آلاف من الأردن.
ومما قالته الصحيفة عبر هذا التحقيق، أن الهروب الاستباقي بدأ منذ فترة وأن هناك العديد ممن خاب أملهم بداعش والنصرة، أو توقعوا الهزيمة الساحقة للتنظيمين، وبدؤوا رحلة العودة إلى تونس والأردن، ودخلوا بالفعل ورجعوا لمنازلهم.
وإذا كنا نعلم أن خمسين إرهابياً هو عدد كاف لإقلاق دولة كبرى، فماذا نقول عن العائدين بالآلاف، وهل سيتم فعلا استقباله، وهل سيودعون السجون أم يوضعون تحت المراقبة أو الإقامة الجبرية؟ وتطرح أيضاً إمكانية التثقيف والتوعية لإقناعهم بترك القتل العشوائي بحجة أنه دفاع عن الدين، وتسريع في ذهابهم إلى الجنة الموعودة؟!
الأردن الذي تعبأت سجونه بالدواعش وأنصارهم يسعى طوال الوقت لتجهيز نفسه للشهور المقبلة، وهو يقيم المحاضرات للسجناء، ويحاصر مواطن الضعف في قوانين مكافحة الإرهاب ولجأ في الأسبوع الماضي إلى رفع عقوبة الدعاية لداعش من خمس سنوات إلى عشر.
واتخذت تونس إجراءات مماثلة وشكلت لجاناً خاصة تضم قضاة للتعامل مع أولئك الذين ضللهم الإرهابيون، وسنت قوانين قاسية لمكافحة الإرهاب بالرغم أن تونس كالأردن تشكو من ازدحام السجون.
وإذْ يميل المحللون في البلدين إلى الاعتقاد بأن الإرهابيين العائدين ربما يكونون أشرس ضد أوطانهم، فإن ما ينظر فيه المختصون هو الاعتقال والإقامة الجبرية والملاحقة الإلكترونية وفرض مراجعة المراكز الأمنية لإثبات الوجود بشكل منتظم، إلى جانب الإقناع والتثقيف بمشاركة أهل الإرهابي المعني، وخبراء في علم النفس.
وبصراحة تعجبني كثيرا مساواة الأردن بين أولئك الذين يضعون علامة إعجاب (لايك) للدعاية المؤيدة لداعش على الفيسبوك، وبين المتشددين والأنصار أنفسهم، أو المحرضين على العنف، أو الذين ينشرون أفكار داعش والقاعدة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
20/02/2017
1033