+ A
A -
يقال منذ زمن طويل إن عائلة «روتشيلد» الصهيونية الثرية والمتطرفة، كان لها دور في إشعال الحرب العالمية الأولى، وفي إنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين. والذي يهمنا في مقال اليوم، ليس مساهمة هذه الأسرة الشريرة والمتنفذة في اندلاع تلك الحرب، ولكن ضلوعها الأكيد والموثق في استصدار «وعد بلفور» وما أسفر عنه من إقامة الكيان الصهيونية في الأرض العربية الفلسطينية.
غير أن الاعتراف الأهم جاء على لسان البارون روتشيلد الثمانيني، في مقالة تليفزيونية أجراها معه مؤخراً السفير الإسرائيلي السابق «دانيال تاوب» الذي وصف وعد بلفور بأنه الإعلان الذي غيّر مسار التاريخ في الشرق الأوسط.
وأهم ما تضمنته مقابلة البارون المسن هو كشفه النقاب عن الدور المركزي الذي لعبته ابنة عمه «دوروثي» قبل أن تبلغ العشرين، في إقناع حكومة بريطانيا بفكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
لكن ما كشفه البارون فاضح ومعيب إلى أبعد الحدود، حيث تعهدت هذه العائلة الصهيونية المتعصبة للحكومة البريطانية بإقناع الولايات المتحدة بدخول الحرب العالمية وضمان النصر لبريطانيا على ألمانيا بشرط أن تسلم لندن فلسطين لليهود.
ضمن هذه المعادلة ولد الوعد سيئ الصيت، حيث كتب وزير خارجية بريطانيا جيمس بلفور ما نصه أن «حكومة جلالته تنظر بإيجابية إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وتستخدم أفضل مساعيها لتسهيل هذا الهدف».
وكان البارون خلال المقابلة شديد الإعجاب بابنة عمه دوروثي روتشيلد التي كرست نفسها لخدمة الصهيونية وهي بعد في سن المراهقة، حيث اتصلت بالزعيم الصهيوني حاييم وايزمان وعرَّفته على كبار أعضاء الحكومة البريطانية وأرشدته إلى وسائل التغلغل في مفاصلها، وهو ما أتقنه وايزمان بسرعة، لينجم عن هذه المساعي ما وصفه البارون بتحفة انتهازية.
وبالفعل وصل وايزمان إلى حدود اللورد بلفور وأقنعه هو ورئيس الوزراء لويد جورج ومعظم أعضاء الحكومة بأهمية فكرة الوطن اليهودي، مع أن البارون اعترف في المقابلة بأنه لم يكن يأمل في أن تتحقق تلك الفكرة.
ورغم أن أقطاب عائلة روتشيلد كانوا منقسمين حول جدوى الفكرة أو ضرورتها، فقد قال البارون إن دوروثي التي بذلت جهداً غير عادي لتحويل الحلم إلى واقع، احتفظت بوثائق تضمنت نصائحها ونشاطاتها تجاه هذا الملف، إلى أن تمت صياغة الوعد (القذر) في 2 نوفمبر عام 1917.
وعد بلفور جاء في 60 كلمة، لكن صياغته النهائية لم تتم إلا بعد خمس مسودات. وكما قالت «أليسون وير» في كتابها حول دور الولايات المتحدة السري الذي أسهم في إقامة إسرائيل، فإن المسودات كانت تنتقل بين صهاينة لندن ونيويورك إلى أن تم التوافق على نص وعد بلفور الذي كتبه الصهيوني «ليوبولد آمري»، بصيغته النهائية.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
15/02/2017
3294