+ A
A -
الأمور في الشرق الأوسط والخليج تنقلب بسرعة الصوت، حتى لا نقول الضوء، وذلك أن شهراً واحداً من حُكم دونالد ترامب، غيَّر الموازين والأولويات في المنطقة، ووضع سنوات أوباما الكارثية وعداءه الواضح للعرب وللسُنة على سكة النهاية، مع دخول الشراسة الإيرانية مرحلة الأفول.
لا نقول ذلك من باب التمني، وإنما استناداً إلى الوقائع والتطورات، سواء في اليمن حيث فشلت طهران في تأمين النصر لحلفائها الحوثيين الذين يتقهقرون الآن سياسياً وعسكرياً، أو في العراق الذي تعتبره واشنطن رسمياً، دولة محتلة على ضوء تورط إيران العميق في ضم بلاد الرافدين إلى إمبراطوريتها التي يبدو أنها توقفت عن النفس.
لم نسمع بعد حشرجات الموت وهي تعلن نهاية المشروع العدواني التوسعي الإيراني، لكن الولايات المتحدة تبدو الآن في قلب عملية استراتيجية جديدة تشطب تماماً ما ذهب إليه أوباما من تحالف شرير مع إيران على حساب السعودية، ومع الشيعة على حساب السُنة.
واشنطن في عهد أوباما (الشيطان الحقيقي)، هي التي لعبت لعبة المذهبية القذرة، وهي التي كادت تتهم الرياض باحتضان الإرهاب، وهي التي منحت إيران الاتفاق النووي المريب، لكن ذلك كله صار من الماضي، أو سيصير.
الإشارات التي تثبت ذلك وردت من البيت الأبيض تباعاً، ومن بينها عدم شمول رعايا السعودية بالمنع من دخول الأراضي الأميركية، وكون الملك سلمان بن عبدالعزيز أول زعيم عربي يهاتفه ترامب ساعة كاملة أكدا خلالها عمق العلاقة بين البلدين.
غير أن الرسالة الأهم تحققت في الساعات الأخيرة عندما وصل مدير المخابرات الأميركية مايك بوبنيو إلى الرياض خصيصاً لتكريم ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف، وتقديم الشكر للسعودية على جهودها الاستثنائية في محاربة الإرهاب ونجاحاتها المميزة في لجمه وتحجيمه، بالأرقام.
وإذا كان محمد بن نايف قد التقط الخيط الحساس عندما عبَّر عن ثقته بأن الذين يحاولون دق إسفين بين السعودية والولايات المتحدة، فشلوا فشلاً ذريعاً في التأثير على العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين.
وإذا عدنا إلى ما قاله الباحث الأميركي ـ اليهودي جورج فريدمان في مجلة (جيوبوليتكال فيوتشرز)، فإننا نعثر على بقية ذلك الخيط الحساس الذي لامسه محمد بن نايف. يقول فريدمان إن صياغة الولايات المتحدة استراتيجية فعالة في الشرق الأوسط تتطلب التحالف مع عدو لهزيمة العدو الآخر.. واليوم السُنة أضعف من الشيعة!
وليس من الخطأ الاستنتاج أن الإدارة الأميركية الجديدة عكست تماماً خطط باراك أوباما، وقررت التحالف مع العرب السُنة كما تؤكد الشواهد المذكورة، وانتهاج سياسة فعالة لاحتواء إيران وإضعافها وإجبارها على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ووقف استفزازاتها لدول مجلس التعاون الخليجي. وهذا بالضبط هو عنوان المرحلة الذي اختارته واشنطن، وليس نحن.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
13/02/2017
1392