+ A
A -
اكتشفت مؤخرا أن داء النسيان قد اخذ مني كل مأخذ وانني لم اعد قادرا على استرجاع تفاصيل حوادث حصلت معي خلال 15 عاما من العمل الصحفي والانكى انني بت لا استطيع ان احدد الكثير من الاماكن التي التقطت فيها نحو 3000 صورة في نحو 45 دولة زرتها صحفيا او سائحا !

الآن فقط ادركت لماذا كان الكثيرون يكتبون التاريخ والمكان خلف الصور ايام كانت الصور الفوتوغرافية وألبوماتها تحتل مساحات كبيرة من خزائننا واليوم ادركت ايضا – وان متأخرا – ان لعدم التنظيم ضريبة سيدفعها المرء ان عاجلا أم آجلا .

قبل فترة وقعت على ألبوم يحوي صورا مختلفة التقطت في اماكن وأوقات مختلفة كما يوحي هندامي واختلاف تسريحة شعري لكن الصادم انني عجزت عن تحديد مكان وزمان كثير منها ما يحيلها الى مجرد صورة لا تعني شيئا حتى لصاحبها .

تفاصيل كثيرة بعضها مضحك وبعضها الآخر محزن لا اتذكر منها الا خطوطا عريضة، بل ان ثمة احداثا وقعت معي قبل 10 او 12 عاما خلال أسفاري بت اتخيل لها نهايات مختلفة عاجزا عن تحديد النهاية الاقرب الى الواقع والاجدر بان أرويها ان حدث ووجدت نفسي في معرض روايتها .

خلال ايام الشباب الاولى كان لدي صديق منظم لدرجة تدعو الى الذهول، اذ لا زلت اذكر كيف كان يحتفظ بدفاتر صغيرة لا تغادر جيبه – قبل انتشار الموبايل طبعا – يكتب فيها كل الامور التي يعتبرها هامة ويدون فيها كل الافكار التي طرأت على باله في ذلك اليوم، متعللا بأن الافكار التي تترك سدى حتى وان بدت تافهة هي كالأموال التي تلقى في الشارع حتى وان بدت غير ذات قيمة.

كانت لديه مقولة كنت أنا وباقي اصدقائه نتندر عليها دائما تقول : فكرة في اليوم الابيض تصنع إلهاما في اليوم الاسود .

اليوم اتمنى حقا لو كنت فعلت مثله ووثقت كل تفاصيل حياتي حتى اكثرها تفاهة لانها بعد عقد أو عقدين يمكن ان تتحول الى كنز ثمين !

مناسبة هذا المقال ان نفس هذا الصديق ارسل اليّ قبل فترة صورا عن رسائل كنت ارسلتها اليه قبل نحو 15 عاما بعد أن انهيت دراستي في الأردن والتحقت بعملي في صحيفة الوطن، كانت الرسائل حافلة بعشرات التفاصيل التي لا اذكر منها شيئا الآن، لكنني رغم ذلك قرأتها بتمعن عشرات المرات،علي اتذكر كيف كنت افكر وماذا كانت احلامي وطموحاتي قبل عقد ونيف من الآن .

نصيحتي للجميع دونوا أدق تفاصيل حياتكم، لانها قد تساعدكم اكثر على فهم ذواتكم عندما يحين وقت تلك الوقفة الضرورية مع النفس !



بقلم : لؤي قدومي

copy short url   نسخ
27/04/2016
2355