+ A
A -
يتضح يوماً بعد يوم مدى الخطورة التي يمكن أن تبلغها المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، ليس فقط على خلفية اللكمات القاسية التي يوجها لها دونالد ترامب كل يوم، ولكن لأن وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي مايكل فلين مؤمنان تماماً بأن طهران هي على رأس قائمة الإرهاب في العالم.
وإذا كان وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس قد حدد أربع بؤر ستمثل أزمات أمنية لإدارة ترامب، فقد احتلت المواجهة المتصاعدة مع إيران في الخليج، المركز الأول بين الأزمات الأربع، يليها النزاع مع كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي، وصدام مع الصين في بحر الصين الجنوبي واحتكاك مع روسيا في بحر البلطيق.
لا أحد يمكن أن يتوقع مسار التحدي الأميركي للقيادة الإيرانية، لكن إفادة فلين أمام الكونغرس والتي قال فيها إن «إيران تمثل خطراً واضحاً وحاضراً على المنطقة وعلى العالم»، تكفي وحدها لتوقع الأسوأ خاصة وأن الوزير ماتيس يتبنى هذا القول تماماً.
وحتى لو امتنع ترامب عن تنفيذ تهديده بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران إرضاءً لمعارضيه في الداخل أو لروسيا التي أعلنت قبل يومين التزامها بذلك الاتفاق الموقع من قبل الدول الخمس الكبرى وألمانيا، فإن لديه وسائل أخرى فعالة لإضعاف إيران وإقلاقها مالياً وسياسياً وجغرافياً من خلال زيادة الوجود العسكري الأميركي في الخليج، وتمرير عقوبات مصرفية متنوعة على إيران لا علاقة لها بالاتفاق النووي.
ويتعين على ترامب أخذ عدة أمور بعين الاعتبار بعد أن أربك خطط إيران وأطلق أعشاش الدبابير عليها.. ومن بين هذه الأمور تلهف بعض الدول الأوروبية على عقد صفقات تجارية بعد أن «برأها» باراك أوباما من تهمة الإرهاب، وكذلك بعض الجيران العرب الذين وإنْ كانوا مستاءين جداً من مسلك إيران الاستفزازي تجاههم، فإنهم لا يريدون أن تصل الأمور إلى حد تفجير الموقف أو نشوب حرب، خاصة وأن هدفهم النهائي ليس إزالة إيران من الوجود بالطبع، وإنما التحاور معها والتوصل إلى اتفاقات أمنية ذات ديمومة، بعد أن تُوقفْ تدخلاتها المستمرة في شؤون «دول التعاون».
ويتعين على الرئيس الأميركي أيضاً أن ينتبه إلى قرار خامنئي وروحاني تجييش الجماهير وتحريضها على أميركا التي يؤكد المتشددون وهم يستعدون لانتخابات الربيع المقبل، أنها لم ولن تكون موضع ثقة الإيرانيين.
وفيما يأمل ترامب من فوز مرشحه المتشدد لمنصب وزير العدل، أن يسهل عليه فتح السلطة القانونية لقرارات البيت الأبيض، فإن الخبراء في شؤون الخليج لفتوا نظر الرئيس إلى أن الحرس الثوري الذي يدرس الرئيس وصمه بالإرهاب، هو بمثابة منظمة حكومية أجنبية محظور معاقبتها، تماماً مثلما نبهت المخابرات الأميركية رجال الرئيس من عواقب وصم الإخوان المسلمين بالإرهاب، لأنهم مسالمون ولديهم ملايين الأتباع ونفوذ واسع على امتداد العالم.
هناك حدود وقيود أمام ترامب المتحمس، سواء بالنسبة للقضايا الأوسع التي حددها غيتس، أو بالنسبة لفلسطين أو للهجرة والأجانب والمسلمين وغيرها. غير أن الامتحان المهم في منطقتنا، يتعلق بما إذا كان الرئيس سيغامر بإعادة طهران إلى مربع الإرهاب الذي أخرجها منه أوباما دون وجه حق؟!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
10/02/2017
1168