+ A
A -
تاريخيا لم تستعمل مفردة «إصلاح» بمثل هذه الكثافة من قبل، ولم يسبق أن تنادت بها الأنظمة العربية بأسبقية وبحرص كما تتنادى بها اليوم، ومع ذلك لم تكن هذه المفردة خاوية من المعنى في ذهنية الشعوب كما هي اليوم، ولم تكن مبتذلة على الأذن العربية كما تبدو حاليا. وفي هذا الخصوص ثمة ملاحظات أود لو أُبينها في هذا الخصوص:
أولا: زمنيا نحن كأمه نعيش في القرن الواحد والعشرين ولكن تاريخيا لا نزال في بداية الانتقال من القرن الثامن عشر الميلادي إلى القرن التاسع عشر. الفترة التي تحولت في بدايتها الديكتاتوريات والسلطات الديكتاتورية التي كانت تحكم باسم الدين والعائلة والطائفة إلى أنظمة الحكم الديمقراطي رويدا رويدا.
ثانيا: الاستبداد الطويل حوًل مفردة الإصلاح في ذهنية الشعوب إلى مفردة تماما للاستبداد ولكن بشكل جديد، كثيرا ما استعملتها الأنظمة العربية على مر العصور وكثيرا ما اكتشفت الشعوب أنه مجرد إصلاح الاستبداد في ذاته ولذاته ليس إلا.
ثالثا: عندما تنادي السلطة العربية بالإصلاح تنأى بذاتها عنه، أي أن الإصلاح يقع على المقابل وليس عليها وفيها، فتلقي بحزم رعوية للمجتمع ليتقاتل عليها ولكن يبقى حبل التحكم والزيادة والنقصان في يدها.
رابعا: الحزم الإصلاحية التي تلجأ لها الأنظمة العربية أيام الأزمات وترصد من خلالها المليارات، يستحيل أن يستفاد منها فعليا، طالما أنها تحتاج إلى برنامج وأجهزة شفافة وقنوات رقابية شعبية، فهي قنابل دعائية من الدرجة الأولى.
خامسا: ثمة تعارض في اللغة وفي الزمان بين مناداة الشعب بالإصلاح وعرض الأنظمة بالإصلاح. مناداة الشعب بالإصلاح مطلب شمولي يحتمل أول ما يحتمل إصلاح السلطة ذاتها من خلال تغيير بنيتها بما يتفق وعملية الإصلاح الدائم، بينما عرض الأنظمة لبرنامج الإصلاح محاوله لإنقاذ ذاتها والإبقاء على مميزاتها والتنازل فقط عن جزء من حق الشعب الذي صادرته.
سادسا: اليوم لم تعد الشعوب تنظر إلى الإصلاح كما كانت تنظر اليه من قبل، أصبح مفهوما مرتبطا بالوقت والزمن إذا لم يقع في زمنه وفي وقته لم يعد إصلاحا وإنما يتوجب أكثر من ذلك وعايشنا روشتات الإصلاح التي قدمتها الأنظمة في تونس ومصر قبل سقوطها بقليل لتتلافى انهيارها لكن الوقت كان تجاوز الإصلاح في تلك الفترة.
سابعا: من صالح الأنظمة والشعوب المناداة بالإصلاح وليس هناك نظام في العالم لا ينادي بالإصلاح فهو مطلب مستمر ودائم، ولا يعني الإصلاح الوقوف ضد السلطة كمبدأ وانما العمل معها من أجل الوطن والمستقبل، العجيب ان البعض عندما تطالب بالإصلاح ينظر اليك نظرة المتهم أو المارق، في حين أن المواطن الأوروبي والأميركي من أول اهتماماته المطالبة بإصلاح النظام الصحي والتعليمي حتى السياسي من خلال تحديث نظام الانتخابات ليكون أكثر عدا.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
07/02/2017
4294