+ A
A -
يحظى التقرير الضخم الذي دأب «مجلس المخابرات الوطنية الأميركية» على إصداره باهتمام كبير من طرف صناع القرار في جميع أنحاء العالم.
يغطي التقرير الذي صدر بعنوان «توجهات عالمية» الفترة من عام 2017 إلى 2021. ظل هذا التقرير يصدر منذ التسعينيات لكنه كان سرياً وليس للتداول، ومنذ عام 2004 بعد إنشاء «مجلس المخابرات الوطنية الأميركية» من طرف الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، أصبح التقرير متاحاً.
يرسم التقرير الذي صدر في 235 صفحة، صورة قاتمة للأوضاع في العالم خلال الخمس السنوات المقبلة. إذ يتوقع ارتفاع حدة التوتر بين الدول وأحيانا داخل الدول نفسها، في حين أن نسبة النمو الاقتصادي ستنخفض.
يرصد التقرير مفارقة كبيرة تتمثل في أن عصر الصناعات والمعلومات أدى إلى تطور وسائل التواصل إلى ربط الناس بعضهم بعضاً، وتعزيز علاقات الأفراد والمجموعات والدول، وانتشلت ملايين البشر من قاع الفقر.
وتوقع التقرير زيادة كبيرة في عدد سكان العالم مع ارتفاع متوسط العمر وزيادة في عدد سكان الريف على الرغم من تباطؤ النمو. والتوقعات تشير إلى أن عدد سكان الكرة الأرضية سينتقل من 7.3 بليون نسمة إلى 8.8 بليون.
ويتوقع أن تكون هناك زيادة كبيرة في عدد السكان الذين سيدخلون سوق العمل في إفريقيا وأجزاء من آسيا، وهو ما يمكن أن يقود إلى تحسن اقتصادي وأيضاً إلى كوارث، إذ سيعتمد الأمر على الطريقة التي ستتعامل بها الحكومات مع قطاع التعليم والبنية التحتية والقطاعات الحيوية الأخرى.
وسيعرف سوق العمل ودرجة الرفاهية تغييراً كبيراً، سواء في البلدان التي يغلب على سكانها طابع «الشيخوخة» أو تلك التي يغلب سكانها «الشباب».
وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد الناس الذين يتوقع أن يدخلوا سوق العمل في العقدين المقبلين سينخفض من 1.2 بليون، في الفترة ما بين عامي 1995 و2015، إلى 850 مليون مليون في الفترة من 2015 و2035.
ويتوقع زيادة في متوسط العمر في عام 2035، بحيث ستكون نسبته في اليابان 52.4 وكوريا الجنوبية 49.4 والمانيا 49.6.
خصص التقرير جزءً كبيراً للتوقعات خلال الخمس سنوات المقبلة، حيث قسم العالم إلى تسع مناطق، وهو تقسيم له دلالته. والمناطق هي، شرق وجنوب شرق آسيا، وجنوب آسيا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفريقيا جنوب الصحراء، روسيا وأوروبا الآسيوية، أوروبا، شمال أميركا، وجنوب أميركا، والقطب الشمالي والقطب الجنوبي.
يصعب تلخيص ما ورد في التقرير بشأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن يبدو لافتاً أن الخلاصة المركزة تتسم بالتشاؤم. حيث تشير التوقعات إلى أن الاضطرابات هي التي ستهيمن على المنطقة خلال الخمس سنوات المقبلة. وذلك بسبب مطالب السكان المتزايدة، كما ستتواصل الحروب بالوكالة في «الدول الفاشلة». كما أن التنافس سيزداد ضراوة بين القوى السياسية والدينية لأسباب اقتصادية. ويتوقع التقرير مزيد من التورط لكل من الصين وروسيا والولايات المتحدة في المنطقة دون أن يحدد طبيعة هذا التورط.
من بين الأجزاء التي تسترعي الإنتباه الجزء الذي خصص لموضوع «الإرهاب»، حيث يتوقع أن تنحسر هذه الموجة المقلقة في حالة حل بعض الصراعات الداخلية كما هو الوضع في سوريا مثلاً، وكذلك الصراعات في أفغانستان والعراق وليبيا ودول الساحل الأفريقي والصومال. والنقطة الإيجابية أن التقرير يتوقع تتزايد دور المنظمات غير الحكومية في الحد من موجة «الإرهاب».
تقرير مسهب.. ومفصل، لكنه جدير بالقراءة.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
21/01/2017
4715