+ A
A -
كان نصيب تركيا من الإرهاب في العام الفائت ثقيلاً وباهظاً.عديد العمليات الإرهابية التي استهدفت مدنيين وعسكرين في عموم المناطق، تورط فيها تنظيم داعش الإرهابي، والجماعات الكردية المسلحة.
آخر ما حرر من إرهاب داعش، كان في الساعة الأولى من فجر يوم جديد وعام جديد. إرهابي قادم من بلاد بعيدة تسلح ببندقية رشاشة، وقتل وجرح بدم بارد عشرات الأشخاص الأبرياء من مختلف الجنسيات.
كان واضحاً أن تنظيم داعش الإرهابي يريد قتل السياحة في تركيا قبل قتل الأبرياء، لمعرفته الأكيدة بحجم مساهمة هذا القطاع الحيوي في النمو الاقتصادي في تركيا.
لكن قبل هذا وذاك يسعى الإرهابيون من مختلف المشارب إلى الانتقام من تركيا، لدورها المحوري في محاربة الإرهاب، وانخراطها في جهود إحلال السلام في سوريا، وعزل الجماعات الإرهابية لصالح المعارضة السورية الأصيلة.
كان لدخول تركيا القوي على خط المواجهة مع الجماعات الإرهابية في سوريا، وفي المناطق المحاذية لحدودها الأثر الكبير في الحد من فعالية ونشاط هذه المجموعات؛ الداعشية والكردية، فقد ضيقت تركيا بالفعل الخناق عليها، وتقدمت صوب معاقلها في جرابلس والباب السوريتين، وفي مناطق أخرى في العمق السوري. ولم تترك لها موطئ قدم على الحدود، وضربت بقوة خطوط إمدادها، وقواعد الدعم والتزويد.
وقد بدا دور تركيا في محاربة الجماعات الإرهابية فاعلا ومؤثرا بشكل رغم قصر المدة أكثر من ضربات التحالف الدولي المستمرة منذ سنوات دون نتائج حاسمة.
غير أن الإرهابيين يحوزون على متعاطفين وأنصار داخل تركيا، من بينهم المئات من المقاتلين الأجانب الذين فروا من جبهات القتال في سوريا إلى تركيا، أو قدموا إليها ولم يتمكنوا من الانتقال إلى سوريا بفعل الإجراءات التركية المشددة على الحدود، فتقطعت بهم السبل.
قرر هؤلاء وبإيعاز من قيادتهم توجيه نيران إرهابهم لتركيا، وقد حاول التنظيم الإرهابي «داعش» تبرير فعلته الوحشية في إسطنبول، عبر شريط فيديو مصور، يحمل تركيا مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في حلب، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع النظام السوري بشراكة مع روسيا، وكأن «داعش» كان في أصلا في صف المقاومين والمدافعين عن حلب. فيما الحقيقة غير ذلك تماما؛ إذ وبينما كانت المعارضة السورية تخوض معاركها، كان الإرهابيون يطعنونها من الخلف بعمليات مركزة لتصفية عناصر المقاومة الوطنية، وجر فصائلها لمعارك جانبية، وإثارة الفتنة والخلافات في صفوفها.
لقد كان لتركيا بالفعل دور حيوي وحاسم فيما تم التوصل إليه من تفاهمات، منحت المعارضة السورية فرصة التقاط الأنفاس، والعودة إلى العملية السياسية من جديد، لتحقيق ما يمكن من مكاسب سياسية قبل أن يتدهور ميزان القوى العسكري والسياسي في الأشهر المقبلة مع تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم في أميركا.
وما كان لهذا أن يتحقق بدون تركيا، التي باتت الممثل الإقليمي للمعارضة السورية، في المفاوضات، والداعم القوي لحضورها على الطاولة وفي الميدان.
في خضم هذه التحولات الكبرى في الأزمة السورية، شعر تنظيم «داعش» انه سيكون أكبر الخاسرين من المقاربة التركية، والدور الذي تلعبه أنقرة على المسرح الدولي، فقرر العمل من الداخل التركي لضرب استقرارها، وإضعاف جبهتها الداخلية، لإرغامها على التراجع عن هذا الدور.
إن تركيا اليوم تخوض مواجهة مفتوحة مع الإرهابيين وتدفع الثمن نيابة عن دول المنطقة، وعلى عدة جبهات. وواجب هذه الدول دعم تركيا في هذه الحرب، والوقوف إلى جانبها، لأن الانتصار على قوى الشر، فيه مصلحة لكل الأطراف، وفي مقدمتها المعارضة السورية المعتدلة.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
05/01/2017
4438