+ A
A -
أوقفت الشرطة «الإسرائيلية» للتحقيق، قبل عدة أيام النائب العربي الفلسطيني في الكنيست عن القائمة العربية المُشتركة وعضو حزب التجمع الوطني الديمقراطي باسل غطاس، وذلك بعد رَفعِ حصانته البرلمانية للاشتباه بما أسمته الشرطة «الإسرائيلية» «قيامه بتسليم جوالات لمعتقلين فلسطينيين أثناء زيارتهم». وتَبِعَ ذلك إصدار سلطات الإحتلال قرارها بحظر زيارة النواب العرب للأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الإحتلال.
الإجراء السابق ليس الأول من نوعه تجاه النواب العرب الفلسطينيين أعضاء الكنيست، فقد سَبَقَ وأن أصدرت سلطات الإحتلال، بما في ذلك الكنيست العديد من القرارات، التي مَسّت دور النواب العرب الفلسطينيين، كما سبق وأن اتخَذَت إجراءات عدة على عددٍ منهم خلال دورات سابقة للكنيست، وكان هدفها التضييق على النواب العرب في حراكهم وعملهم اليومي من أجل قضايا شعبهم الفلسطيني اليومية، في الداخل المحتل عام 1948، وفي المناطق المحتلة عام 1967. بل وعاملتهم كأبناء الجارية مقابل النواب اليهود في الكنيست، ولم تتعاطى معهم كأعضاء أصلاء مُنتخبين عن الجمهور العربي في فلسطين المحتلة عام 1948.
المسألة هنا، ليست في تجاوز النواب العرب الفلسطينيين في الكنيست لسقف القانون «الإسرائيلي» وفق ادعاءات الاحتلال، كما هي ليست في ارتكابهم لمخالفاتٍ، أو حتى جُنَحٍ يُحاسَبُونَ عليها، بل تأتي في سياق «مُعاقبة» النواب العرب من حينٍ لآخر، كما جَرَت العادة. وبمعنى شعبي آخر «فَرّكِ آذانَهُم» ومنعهم من التواصل مع قضايا وهموم شعبهم الفلسطيني على الضفة الثانية، في مناطق العام 1967، وخاصة مع قضية الأسرى والمُعتقلين الذين تتجاوز أعدادهم الآن نحو ستة آلاف مُعتقل وأسير قابعين في سجون وزنازين الاحتلال، وفي ظروفٍ صعبة ولا إنسانية على الإطلاق.
النائب العربي الفلسطيني، باسل غطاس، وقف أمام المُحققين في شرطة الاحتلال في «ريشون عتسيون» قرب تل أبيب، الذين وجهوا اليه التهم المختلفة، ومن خلال: «شريط مصوّر صامت، يبرز عملية إدخال رسائل ومغلفات تحتوي على جوالات نقالة وشرائح اتصال (سيم) لمعتقلين فلسطينيين». فكان رَدَهُ على الاتهامات المنسوبةِ اليه رداً وطنياً وأخلاقياً في المقام الأول، مؤكداً أنه لم يَرتَكِب أي مُخالفةٍ أمنيةٍ، فقضية الأسرى هي قضية إنسانية وإخلاقية عادلة في نهاية المطاف.
لقد رافق عملية التحقيق والاعتقال للنائب باسل غطاس، عملية تحريضٍ «إسرائيليةٍ» صارخةٍ، قادتها وسائل الإعلام العبرية، ووجهت له - أي للنائب باسل غطاس- تُهَمٍ بشبهاتِ ارتكابِ مُخالفاتٍ تتعلق بـ«التآمر على ارتكاب جريمة، ونقل هواتف خليوية لأسرى فلسطينيين في سجن كتسيعوت في النقب للأسيرين وليد الدقة وباسل البزرة من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948». وبعد مغادرته السجن ادّعَت سلطات أنها «عثرت لدى الأسيرين على هواتف خليوية، وتَحَدَثت تقارير عن أن عددها 12 وقالت تقارير أخرى أن عددها 15 أو عشرة». كذلك ادّعت سلطات الأمن «الإسرائيلية» أنها «عثرت لدى الأسيرين على أوراق عبارة عن رسائل مُشفرة لتنفيذ عمليات».
وفي جوهر الموضوع ولبابه، أن ما تمارسه سلطات الاحتلال من انتهاكات وملاحقة سياسية للفاعلين في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل وقواه وأحزابه السياسية وممثليه من أعضاء الكنيست، يأتي في مسار العنصرية والفاشية ضده، وضد حصوله على حقوقه، وفي مواجهة سياسة التمييز الطبقي حيث الظروف الصعبة، الاقتصادية، وتجلياتها من فقرٍ وبطالة، وإهمال وتهميش وحرمان في الوسط العربي الفلسطيني داخل مناطق العام 1948 قياساً للوسط اليهودي الاستيطاني القادم من أصقاع المعمورة.
وعليه، إن اعتقال النائب باسل غطاس لم يأت هكذا من فراغ، إنما ضمن استهداف الكل الفلسطيني، فالنائب باسل غطاس مارس دوره المُفترض من موقع المُؤمن بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والتهم الموجهة له تتجلى فيها العنصرية والتمييز في المعاملة واستخدام القانون.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
30/12/2016
3404