+ A
A -
قامت فرقة الاغتيالات الخارجية الخاصة التابعة لجهاز الموساد الصهيوني بجريمة بشعة راح ضحيتها مهندس تونسي من مدينة صفاقس في وسط تونس. التونسي محمد الزواري هو مطور برنامج الطائرات بدون طيار الذي تنهض به حركة المقاومة الفلسطينية حماس وذراعها المسلحة كتائب الشهيد عز الدين القسام.
ملابسات الجريمة تتمثل في تسرب عناصر استخباراتية أجنبية إلى البلاد التونسية بجوازات أجنبية ونجاحهم في تضليل قوات الأمن التونسية بالتواطؤ مع عناصر محلية ومراقبة المهندس الزواري أياما قبل اغتياله أمام منزله بأكثر من عشرين طلقة بكاتم للصوت في وضح النهار.
الجريمة ما كانت لتثير الكثير من الشبهات لولا ما حف بها من ملابسات وحيثيات داخلية وخارجية أربكت المشهد وفضحت الجريمة وأبعادها الدولية والإقليمية.
أول هذه المعطيات هي معطيات أمنية تخص استقالة المدير العام للأمن الوطني من منصبه صبيحة الجريمة الإرهابية وهي استقالة تبعتها استقالة عدد من المدراء العامين لقوات الأمن والمصالح المرتبطة بوزارة الداخلية. وقد ربط الكثير من الملاحظين بين الاستقالة وبين الجريمة. المعطى الثاني هو تجند إعلام العار التونسي منذ الجريمة من أجل شيطنة الشهيد والتعتيم على الجريمة باعتبارها جريمة حق عام وأن المهندس الزواري ليس إلا ميكانيكيا تمت تصفيته. المعطى الثالث هو إعلان حركة المقاومة الفلسطينية حماس عن هوية المهندس التونسي محمد الزواري الذي لم يكن إلا قياديا بارزا يعمل على تطوير مشروع الطائرات المسيرة عن بعد لصلح كتائب الشهيد القسام. أما المعطي الأخير فهو اعتراف الكيان الصهيوني عبر القناة العاشرة الاسرائيلية بأنه وراء العملية الإرهابية زيادة على دخول وفد صحفي صهيوني إلى تونس بغطاء أوروبي وبجوازات ألمانية وصمت الأمن التونسي على ذلك.
كل هذه المعطيات تضعنا أمام جملة من الحقائق والتصورات التي تعكس جميعها مدى تغلغل الكيان الصهيوني في البلاد التونسية. هذه الحادثة هي الأولى من نوعها التي تحدث بعد الثورة وبهذا الشكل المعلن لأن الاعتراف الصهيوني بالجريمة إنما هو تأكد من غياب الردّ التونسي على الأقل بسبب الاختراقات الأمنية ووجود الثورة المضادة على سدّة الحكم. الصهاينة يعلمون أن تونس كما هو حال كل الدول العربية تقريبا لن تستطيع فعل شيء تجاه جرائمهم لأن في حال من الضعف والهوان والتفكك بشكل يمنعهم من أية ردة فعل بسبب الاستبداد المسلط عليهم بما هو الجزء الأشرس من الاستعمار المباشر.
إن الاستبداد العربي باعتباره النسخة المتقدمة من الاستعمار العسكري المباشر هو السبب الأساسي لكل المصائب وكل الدمار الذي لحق بالأمة وببناها التحتية والأمنية والاقتصادية والعسكرية وليس ما نرى اليوم من تكالب الأعداء إلا عنوانا لمرحلة جديدة من مراحل الصراع مع الاستبداد وأعوانه وشبكاته الإرهابية المبثوثة في كل مكان. جريمة تونس مرحلة جديدة من مراحل الوعي بالإرهاب الصهيوني من ناحية، وبفشل المنظومة الأمنية العربية من ناحية أخرى.

بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
29/12/2016
3889