+ A
A -
باستمرار الإحساس المتكـرر والمستمر والمتقطع، والمتكون بين رغـبات وبين انتكاسات لأحلام والأماني الوردية أو شبه الوردية، نحس بأن هـذا العالم بحاجة إلى استقـرار عاطفي، يؤدي إلى التأمين أيضا عـلى حواسنا، والإحساس بأنها ما زالت تعـطي بصدق، والتأمين هـذا لا يتم إلا برصد أكبر كمية ممكـنة من العـواطف الصادقة لتوزيعها ليس عـند الطلب لكـن عـند الإلحاح الداخلي، إحساس بأن الصدق موجود وإن الاحتياج له عاطفة وتعاون هو الطريق إلى محبة دائمة وسلام مع هـذا العالم المليء بالمتناقضات العجيبة من قـتل ودمار وجوع وفـقـر.
ليس هـناك قـدرة عجيبة عـلى فـك طلاسم نفس الإنسان سوى ما يملكه من قـوة إيمان حقيقي، والإيمان هـو السبيل الوحيد إلى استقـرار أو إلى أمن عاطفي صادق وإشباع تام للإحساس بالاستـقـرار العاطفي، لهذا فإن تأمين الإحساس بالدفء والعاطفة ضرورة ملحة، ليس للإنسان عـلى مستوى الفـرد بل للجماعة ككل، لأنها السبل إلى الإحساس بالاستقـرار التام، ومن ثم الإنتاج والعـطاء، وهـذا لا يتم إلا بدءا من الطفولة، بتوفـير سبل هـذا الأمن، بحيث يكون هـذا الإشباع بشكل تدريجي مع مراحل العمر إلى أن يصبح الطفل رجلا كاملا سويا قادرا عـلى تحمل الصدمات.
فالحاجة إذن إلى الاسـتقـرار العاطفي تعادل الحاجة إلى سلام دائم مع النفس أولاً ثم العالم الخارجي حوله، لأن الإحساس بأنك تعـطي الأشياء حولك (حبا) لا بد أن يؤدي إلى تمدد هـذا الحب إلى أكبر مساحة فـيكون البذل والعـطاء النزيه البعـيد عـن الأغـراض أو المقايضة لأن من أصعـب أنواع الإحساس، الإحساس بالمقايضة بالعـواطف، لأنها حتما مقايضة ليست متكافـئة لعـدم وجود الصدق بينهما، فالعـطاء العاطفي للأشياء حُبا هـو أروع العـطايا وأصدقها عـند إقـصاء حالة المصلحة إلا من منطلق العاطفة الصادقة القادرة عـلى إحاطة العالم بشيء من الدفء والاستـقـرار.
وتأمين العاطفة كمتطلب لا يتم إلا من داخل الإنسان نفسه.. الأم لأولادها، والأب لأبنائه.. ويقاس عـلى هـذه المجموعة.. لكن يبقى السؤال الملح هو: كيف تكوين مناخ قادر عـلى تفـريغ أكـبر كمية من الاسـتقـرار العاطفي.؟
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
28/12/2016
3839