+ A
A -
المجتمع في القرن الحادي والعشرين يعُج بالكثير من المشاكل المتواترة التي خلقتها وتيرة الحياة المعاصرة التي زاحمتها اليوم التقانة وزاحمها كذلك ضجيج 8 مليارات نسمة وهو عدد سكان الكرة الأرضية التقريبي (وهو عدد مطرد بلا شكّ)، وتكاد تكون مشكلة الحصول على شريك حياة مناسب من أبرز المشاكل التي تتنافس في عالم اليوم؛ تتنافس على الظهور وتتنافس على الاستفحال في كافة المجتمعات وعند كل الثقافات الشرقية والغربية، وذلك للعديد من المشاكل التي تتجاوز حقيقة أن عدد الذكور في العالم يفوق عدد الإناث إلى مشاكل كثيرة منها عدم تفضيل مشروع (بناء أسرة) في عيون الشباب بسبب نمط الحياة المعقد والاستهلاكي وهيمنة الثقافة الفردانية على الحلم البشري الفطري في تأسيس أسرة مبدأها المودة والرحمة والجديّة في الاستمرارية.
وفي الحقيقة وضعت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني نصب عينيها هذه المشكلة المتفاقمة، وأعدت العُدَّة لمواجهة هذا التحدي الذي لاشكّ وأنَّهُ سيقوم بالإخلال في المنظومة الاجتماعية لحياة العالمين في كل مكان، خاصة مع افتقار وجود حلول شخصية أو مؤسسية لهذا التحدي الاجتماعي الجديد الذي سيتطور وينشأ منه تحديات فرعية تطال المجالات الاقتصادية والأمنية والدينية وغيرها الكثير، فإنه من المعلوم أنَّ استقرار المنظومة الاجتماعية التي تمنحها الأسرة النووية ومن ثمَّ الممتدة تساهم في استقرار أركان المنظومات ذات العلاقة في المجتمع، وأنَّ أي خلل في الأولى سيؤثر أيما تأثير في كل الأخريات ذاتِ العلاقة بشكل بارز.
ومن أجل وضع الحلول المنهجية والواعية قام عدد من المؤسسات الخيرية والتي لها باعٌ في العمل الإنساني الاجتماعي بوضع نفسها قاضيًا لتقديم حلول لهذه الإشكالية المطردة، وذلك من منطلق دورها الأساسي في تلبية الحاجات الأساسية للمجتمعات وتحقيق تنميتها المستدامة من خلال تعزيز إنتاجيتها وحراكها لكل ما هو تقدم ونماء، وقد أخذت مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية (راف) على عاتقها منذ تأسيسها هذا الهم المتمثل في تعزيز دور الإنسان في التنمية المستدامة وانعكس ذلك في كل خططها الاستراتيجية وتوجهاتها المستقبلية، فقد التزمت مؤسسة راف منذ تأسيسها بخدمة الإنسان وتعزيز دوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة لوطنه من خال تعزيز قدراته وتمكينه وغرس ثقافة الإنتاجية وإطلاق الطاقات الإنسانية اللامحدودة بما يخدم الأجيال الحالية ويجعل مستقبل الأجيال أكثر إشراقاً.
ومنذ العام الأول لإنشائها، أطلقت مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية راف- النسخة الأولى من مشروعها (إعفاف) كمشروع وطني ذي أبعاد اجتماعية استراتيجية، وأعلنت عنه كحملة وطنية تهدف لتزويج ألف شاب قطري ممن لم يسبق لهم الزواج، قبل أن يتحول إلى مشروع مؤسسي يتم تنظيمه بصفة سنوية، ويستفيد منه مئات الشباب والفتيات القطريين الذين بلغ عددهم مع اكتمال مراحل النسخة السابعة منه 2000 شاب وفتاة، قدمت لهم (راف) عينيات بلغت 50 مليون ريال.
ويهدف مشروع إعفاف إجمالًا إلى خدمة المجتمع القطري من خال تنمية ثروته البشرية، واعتماد التزويج كآلية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي في اتجاه بناء الأسر المستقرة والمنتجة لتساهم بفعالية في تحقيق التنمية المستدامة، وإعفاف الشباب وتحصينهم عن مسببات الانحراف العاطفي والسلوكي، بالإضافة إلى تصحيح بعض الرؤى والعادات التي تعرقل قيام أسرة مستقرة، أو تمنع استمرارها، ورفع الوعي من خال نشر الثقافة الأسرية السليمة بين الشباب المقبلين على الزواج.
كما يتميز مشروع (إعفاف) عن مشاريع التزويج بكونه يُلزم الشاب والشابة المتقدم بطلب الدعم أن ينضم لبرنامج متكامل في (الثقافة الأسرية) ويركز هذا البرنامج على خمسة مجالات هي: المجال الشرعي، والمجال الاجتماعي، المجال النفسي، المجال الصحي، المجال الاقتصادي.
إنَّ مشروعًا بحجم (إعفاف) يحتاج إلى دعم ومساندة كبيرة من مختلف فئات ومؤسسات المجتمع ذات العلاقة، خاصة أنَّهُ يقوم على أسس إنسانية نمائية بحتة ويعتمد على تزويج الشباب من خلال تأهيلهم المسبق تدريبيًا وإعدادهم بشكل جاد وواع لدخول الحياة الأسرية الناجحة والمستقرة بإذن الله تعالى.

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
23/12/2016
4049