+ A
A -
يميل البعض إلى الإدمان، سواءً أكان إدمان في عادات صحية أو سلوكية، والبعض يميل إلى إدمان عادات عاطفية، كأن يميل إلى البكاء دوماً بسبب أو من دون سبب، والبعض يعشق الإدمان على الشعور بالفقد، والرغبة في الوقوع المتكرر في الحب، وهو إدمان من دون وعي بما يقوم به الآخرون، أم البعض فهم يدركون بأن ما يقومون به هو نوع من أنواع الإدمان غير الصحي، لكنهم يشعرون بأن هذا الإدمان يحقق لهم نوع من التوازن النفسي، رغم أنه سلوك يستهجنه ممن حولهم، لكن ما يقومون به يشعرهم بالرضا والطمأنينة، ولا تظن أنهم يعتقدون بأن تصرفاتهم وسلوكهم غير منطقي أو مثير للتساؤل، بل أن تفكيرهم أبعد مما يتخيله العقل، لذا، فنحن نستغرب على سبيل المثال، من إدمان البعض للعمل لدرجة مجنونة، فيما البعض الآخر لديه إدمان مطاردة المشاهير، ومراقبتهم ليل نهار كما يحدث في المجتمع الغربي، فإحدى فنانات هوليود ظل أحد معجبيها يطاردها لعشرين عاماً، وبـ «العافية» استطاعت أن تكسب قضيتها الشهيرة بمنع هذا المعجب المجنون بها من مطاردتها، وإلا فإن مصيره السجن لا محالة.

ولكن هل تساءل البعض على ماذا يدمن العرب؟ ما الذي تدمنه أنت شخصياً دون أن تشعر بأنك واقع في المحظور، وأعني بالمحظور هو أن ما تقوم به يلاقي استهجان من حولك، وأحياناً ضحكهم عليك، فيما أنت تمتلئ تعجباً بأن ما تهتم به، يجد كل هذه الملاحظات والتعليقات ممن حولك، من أسرتك مثلاً أو من أصدقائك، فسابقاً كنت قد قرأت عن أدمان الكثير من العرب على ألعاب الفيديو، فيما أدمن آخرون توزيع النصائح، فتجده يقوم بالنصح في أي مكان وزمان، غير مراعٍ لمشاعر الآخرين أو متنبه للوقت الذي يفترض أن يقول فيه النصيحة، لكنه مدمن على النقد والنصيحة في آن واحد، ولا يشعر بأن ما يقوم به يحتاج إلى «فرملة» حقيقية، وإدراك عميق بأن تصرفاته لا تندرج تحت بند الأخلاق بشكل عام، وأخيراً أدمنت فئة من الناس «الهياط»، ويعني ذلك المباهاة والمفاخرة بإكرام الضيوف، بطريقة لا تتناسب لا مع عادات المجتمع ولا حتى مع حالة «المهايط» الاقتصادية، وأختي الكبرى وهي مثال حقيقي لأدمان المرأة الخليجية، فقد كانت ولازالت مدمنة على شراء كل ما لا تحتاج إليه وعلى الأخص وقت الخصومات، حتى أني أتذكر رسم كاريكاتوري أبدع فيه الفنان حينما رسم امرأة تغوص تحت أعماق البحر، فقط لأن هناك لوحة كتب عليها خصومات تصل حتى 50 بالمائة، ويدلل على أن البعض من النساء وهن كثر، على استعداد لأن تفعل المستحيل لأن جزء من عقلها قد أدمن كلمة «خصومات»، طبعاً لا ننسى أن هناك أيضاً من أدمن الكراهية، وبعض الدول أدمنت المظاهرات والحروب، وحالياً نجد أن المجتمع العربي، قد أدمن الحديث عن السياسة في مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، فالجميع قد بات لديه لذة في النقد والتجريح تحت مسمى الحرية، وأجد ذلك من وجهة نظري الشخصية، أدمان سيفيق منه العرب يوماً، ليتجهوا إلى أدمان آخر.

بقلم : سارة مطر

copy short url   نسخ
13/03/2016
1837