+ A
A -
ولأن الكلمة كالرصاص، اعتباراً بأنه ليس في قول الحق تصبح الكلمة جزءا من كرامة ووجع وبهاء الإنسان الحر، وإنما حتى في غير الحق أيضاً تتحول كلمات الآخرين تجاهنا إلى إذلال لمفهوم الاحترام والحرية تجاه مساحتنا الخاصة، وحماية لكرامة هذا الإنسان ووقاية له من أي رصاصات يمكن أن تنطلق تجاهه، فقد ارتأت إحدى دول الخليج، أن تسن قانونا جديداً لأي سب أو قذف يتعرض له أي مواطن، وبالذات في قنوات التواصل الاجتماعي.

ويبدو أنه بسبب ما يتلقاه البعض من هجوم لفظي بسبب أو من دون سبب، كان لابد أن يكون هناك موقف قاس من قبل الدولة، يجرم السب والقذف الإلكتروني، حتى يمكنها أن تسيطر على تنمر البعض، والذي تجاوز كل الأعراف والتقاليد والأخلاقيات التي يفترض أن نتمثل بها.

التنمر الذي بات يزعج المشاهير والمواطنين العاديين والساسة والمزارعين وحتى العاطلين عن العمل، إذ لم يكن هناك ما يمكن أن يعمل على كف أذى المتنمرين وتكميم أصواتهم المزعجة والمقرفة أحياناً إلا القانون، حيث وضعت تشريعاته وقوانينه لحماية مصالح البشر، لعل وعسى أن يخاف هؤلاء الشاتمون الذين يعتقدون أن أعراض الآخرين بلا كرامة أو قدسية، وبات هوسهم في الشتم لا يعلى عليه.

وبعد نشر خبر القانون الجديد في مختلف وسائل الإعلام، وتبادلته أشهر حسابات التواصل الاجتماعي في «تويتر» و«انستغرام»، تساءل البعض هل يعقل أن يسن قانونا حتى يتعلم الآخرون الأخلاق، ويعمل على ترهيب الجناة ويذكرهم بأن هناك غرامات مالية في انتظارهم إلى جانب السجن الذي يبدأ من ستة شهور ويصل لعشرة أعوام؟ التساؤل لم يكن في محله، فالقوانين تستحدث وتسن وفقاً لتطورات الدول وحاجة الناس لها، ولا يمكن أن تبقى القوانين التشريعية من دون حراك، فكلما تمدنت المدن واتسعت في نهضتها وعمرانها، كلما وجدت نفسها بحاجة إلى متسع فائض من الأحكام، حتى لا يكون هناك أي مجال للتمدد الأخلاقي من دون وجود رقابة صارمة.

أنفك، شفتاك، لون بشرتك، عينيك، طولك ووزنك، أصلك وفصلك، مذهبك وحتى اسمك، كل هذه الأشياء وأكثر، لا يحق لأحد أن يتعدى عليها بحجة الشعور بالنقص من نجاح الآخرين.



بقلم : سارة مطر

copy short url   نسخ
06/03/2016
2171