+ A
A -
الانشغال بالتفكير في أن يبتسم الحظ ذات يوم فيحصل المرء على مبلغ كبير يكون سببا في حل كل مشكلاته المالية ويرتقي بحياته من الضيق إلى حيث السعة ورغد العيش، الانشغال بهذا الأمر هو الذي يعمل التجار على استغلاله فيغرون المستهلك ليقدم على شراء بضائعهم، متعلقا بأمل أن تتحقق ضربة الحظ المنتظرة.

اليوم أغلب المجمعات التجارية والكثير من المحلات والسوبر ماركتات وحتى الصحف والمجلات وكذلك البنوك يعلنون عن جوائز كبيرة مثل السيارات الفخمة والفلل والشقق السكنية وما إلى ذلك يمكن لمن يشتري بمبلغ يتم تحديده الحصول على فرصة الفوز بها، فيقبل عليها المستهلك الذي لا يكتفي في الغالب ببطاقة واحدة أملا في أن يبتسم له الحظ وينال المأمول فيشتري بلهفة.

في السياق نفسه تقبل الأسواق الحرة بالمطارات على بيع بطاقات يانصيب تغري المسافر بشرائها أملا في الحصول على السيارة الفخمة المعروضة في زاوية تم دراستها بعناية والتي تزداد لمعانا كلما أعاد المسافر النظر إليها وتخيل أنه ظفر بها وصار يقودها في الشوارع جالسا على «برد» وفي يده سيجار وينظر إلى الناس من عل! ورغم حالة القلق التي تنتاب الكثيرين بسبب الشبهة في حلية شراء تلك البطاقات وما إذا كانت تدخل في باب الميسر والحرام إلا أن البعض لا يتردد عن تجريب حظه أملا في أن «يستعيد توازنه» فينتقل من حال إلى حال، ويظفر بتلك السيارة الكشخة.

في دول مجلس التعاون كافة يقبل كثير من المواطنين على الشراء من مختلف المحلات، أملا في تحقق ضربة الحظ فتجد دائما من يقف في زاوية وهو يملأ البطاقات باسمه ورقم هاتفه بعناية واهتمام ويرميها في صندوق الحظ لعل وعسى، وفي كل دول مجلس التعاون لا يثق الكثيرون في عمليات السحب التي تجرى في نهاية المسابقة حتى لو تمت على الهواء مباشرة وفي حضور مندوب من وزارة التجارة، والسبب هو أن أغلب الذين فازوا من قبل ويفوزون بتلك الجوائز وخصوصا السيارات هم من الآسيويين، ما يدفع إلى التشكيك في صدقية وصحة عملية السحب والتساؤل عما إذا كان الجمهور يتعرض لعملية ابتزاز. من الأقاويل التي تنتشر في هذا الخصوص إن فوز الآسيويين ربما يتم بالاتفاق معهم مقابل مبلغ معين من المال يحصلون عليه لتبقى الجائزة لدى أهل الجائزة ويستفيد سين منهم أو صاد أو ليعاد توظيفها في مسابقة أخرى بعد حين.

ليس هذا صحيحا بالضرورة، فقد يكون الحظ ابتسم لذلك الآسيوي، ولكنه من التفسيرات التي تشاغب كل من اشترى بطاقة أملا في الفوز بالجائزة ولم يحصل عليها. وبالتأكيد هناك من هم مثلي، لا يشتهيهم الحظ ولا يمكن أن يبتسم لهم حتى مجاملة، وبالنسبة لي أعلم جيدا أنه حتى لو كنت الوحيد الذي وضعت بطاقته في دولاب الحظ وتم السحب عليها فإنها تلصق في سقف الصندوق وتأبى أن تخرج! ومع هذا– كما الآخرين – أظل متعلقا بأمل أن يخطئ الحظ ذات يوم ويفعلها.



بقلم : فريد أحمد حسن

copy short url   نسخ
03/05/2016
2937