+ A
A -
صادق الكنيست «الإسرائيلي» في جلسته الأخيرة على مشروع قانون يَسمَح بمصادرة أراض فلسطينية من مناطق الضفة الغربية والقدس لصالح عمليات الاستيطان والتهويد، وشرعنة آلاف الوحدات الاستيطانية العشوائية التي تم إقامتها في مُختلف أنحاء الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة، كما يُجيز مشروع القانون مصادرة هذه الأراضي المُقامة عليها تلك المُستعمرات، وقد تم تمرير القانون بالقراءة الأولى في الكنيست، وتَبِعَهُ تشريع إقامة (4000) وحدة استيطانية ومصادرة آلاف الدونمات في ريف الضفة الغربية.
القانون حال إقراره نهائياً بالقراءة الثالثة، سيكون «المُشرّعِن الإسرائيلي» قد أعلن عن مصادقة الحكومة على وجود (3921) مبنى استيطانيا تم بناؤه خلال الفترات الأخيرة، منها (2744) مبنى دائما، و(1177) كرفانا.
تُشَكّل هذه الجريمة الجديدة بتمرير القانون الجائر بالقراءة الأولى، خطوة «إسرائيلية» مفتوحة أمام مواصلة المشروع التوسعي الصهيوني باقتلاع الفلسطينيين، ولها تداعياتٍ ثقيلة، ومقدمة لضم أراضي الضفة الغربية إلى الداخل المحتل عام 1948، التي صُنِفَت على أنها مناطق (ج) من خريطة «بقع جلد النمر» التي قَسّمَت وقّطّعَت الضفة الغربية وفق اتفاق أوسلو الأول لعام 1993، فضلاً عن حصار التجمعات السكانية الفلسطينية في معازل مُغلقة ومحاصرتها بالمُستعمرات والمستوطنين، وهو ما ينسجم مع الدعوات لضم مناطق «ج» من الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة العسكرية والمدنية «الإسرائيلية» للدولة العبرية الصهيونية، وهذه المرة من خلال قانون شرعنة الاستيطان والاستيلاء على الأرض من الزاوية «الإسرائيلية».
إن «إسرائيل» في سلوكها الأخير، ومن خلال مشاريع القوانين المُتتالية التي يتم عَرضُها على الكنيست، تبدي وتُعلن وتُجاهر بجوهرها الحقيقي، حين تتصرف «كحركة كولونيالية استعمارية اجلائية» وليس باعتبارها «دولة وفق القانون الدولي»، فالوزير (نفتالي بينيت) على سبيل المثال في حكومة إئتلاف نتانياهو يتحدث بـ فصاحة الصراحة، ويُعَقّب على تمرير القانون بالقراءة الأولى معتبراً إياه «يوم تاريخي، تنتقل فيه اسرائيل إلى مسار السيادة الكاملة على الضفة الغربية».
بهذا الفعل الشنيع الذي أقدمت عليه حكومة نتانياهو وائتلافها، ومعها زُمر ومجموعات المُتطرفين والمجانين في سدة القرار، تتحوّل الكنيست إلى «مقبرة لسلطة القانون والشرعية الدولية»، حيث تجري عملية دفن الشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة، ومن يَدفِن القانون الدولي فإن مكانه في قفص الاتهام في محكمة الجنايات الدولية. فعمليات الاستيطان وتهويد الأرض واستعمارها، كلها عمليات غير شرعية من وجهة القانون الدولي والشرعية الدولية، وقد آن الأوان لفرض عقوبات على «إسرائيل» وتقديم القيادات «الإسرائيلية» المسؤولة عن ذلك إلى محكمة الجنايات الدولية.
إن شرعنة المستوطنات فوق أراضي القدس والضفة الغربية من الزاوية «الإسرائيلية»، مُسمار جديد في نعش حل الدولتين، فمن ينزعه الآن، ومن يستطيع لجم حكومة نتانياهو في ظل حالة التهافت وابتعاد الحزم الدولي تجاه «إسرائيل»... فالصوت الأميركي الذي قال إن واشنطن تُعبّر عن قلقها من مشروع القانون إياه بعد تمريره بالقراءة التمهيدية في الكنيست، غير كافٍ على الإطلاق، بل يُمثّل في حقيقته موقفاً منحازاً حين يتم الحديث عن تجاوزات «إسرائيل» بلغة الانتقاد الناعم والمُخملي، دون الإقدام على خطوات ملموسة لوقف سياسات «إسرائيل» التي تضع نفسها فوق القانون الدولي نتيجة الغطاء الأميركي بالدرجة الأولى.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
14/12/2016
1777