+ A
A -
يقول العارفون: ليست العبرة، أو الثمرة في الأرض، أو ما تحويه من كنوز، وثروات، وليست القسوة في صقيع الشتاء الذي يغشاها، أو لهيب الصيف، أو شحة المطر، أو قسوة الجوع، إنما العبرة، والثمرة، والقسوة في البشر الذين يتخذون من هذه الأرض وطناً ومكاناً للحياة.. الإنسان من يصنع الوطن أولاً، ثم الوطن من يصنع الإنسان.
ولا شك أن هذا الوطن صنعته نفوس نقية، جعلت منه وطناً آمناً حاضناً لأبنائه ولكل من أقام على أرضه.. واجبٌ علينا أن نسير على خطاها، ونضيف للأفضل.
تقول لي إحدى الأخوات العربيات من دول اللجوء: عشت في أوروبا سنوات ثم جئت إلى قطر، والله إن تراب قطر يساوي أوروبا كلها.. في قطر تجد نفسك، تجد إنسانيتك، تجد انتماءك العربي الإسلامي، تجد الأمان الذي أصبح حلم العالم المتحضر.
وفي هوجة ما يحدث في عالمنا العربي من تدمير، وتهجير، ومؤامرات مريعة على أوطان كانت قِبلة الحياة وزينتها، علينا أن نتمسك بهذا الوطن الغالي؛ حيث شحت الأوطان، وفقد ملايين البشر أرضهم، ودورهم، وأغلى ما يملكون.. حتى أصبح الوطن مجرد ذكرى جميلة، أو كحلم مرهم ثم استيقظوا منه.
أرسل لي أحدهم صورة جميلة لسرب حمام.. فكتبت له: ما أجملها من صورة، ليتنا كنا حماماً نحلق في السماء، كما يحلقون.. فكتب يقول: وهل ستتركنا الغربان.. قلت له: الحمام يستوطن كل أرض.. قال: وأين أجد هذه الأرض.. في زمن الحدود، والسدود يصبح الوطن عملة نادرة، فإما أن تتمسك بأرضك وتقاتل، سلماً وحرباً، في الداخل والخارج، كي يبقى هذا الوطن لك وللأجيال من بعدك.. وإما أن تفرط فيه فتشقى ويشقى من هو بعدك، ولذلك شقينا عندما فرط من قبلنا، وفرطنا من بعدهم.
لذلك كله علينا أن نعي اليوم أننا أمام أحداث، وتحديات مخيفة، ومصيرية، ويجب أن نقف صفاً واحداً أمامها؛ ليبقى وطننا واحة أمن وأمان.
علينا أن ندفع بكل ما يمكن أن يحفظ بناءه، ويكون سياجاً يحميه من عوائد الأيام، فالوطن لنا.. ونحن للوطن.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
13/12/2016
5822