+ A
A -
كان الفرنسيون يلقبون الجنرال شارل ديغول، بالاب الروحي للجمهورية الفرنسية الخامسة، لكن تاريخ هذا السياسي والقائد العسكري المشرف، لم يشفع له لدى الشعب الفرنسي الذي خرج في مظاهرات ضده عام 1968.
المهم في قصة الرئيس ديغول، هو انه استجاب لمطالب المتظاهرين وقرر أن يجري استفتاء حول تطبيق المزيد من اللامركزية في فرنسا. اما بيت القصيد، في الموضوع، فهو ان الرجل تعهد قبل إجراء الاستفتاء بالتنحي عن منصبه في حال لم توافق نسبة كبيرة من الفرنسيين على تطبيق اللامركزية. وهو ما حدث، فأوفى بوعده فورا وفي مساء يوم 28 أبريل عام 1969 أعلن ديجول تنحيه عن منصبه.
هذا الدرس الفرنسي الديغولي، وعته اوروبا، ودول اسيوية، القاسم المشترك الاعظم بينها، هو انها دول ديمقراطية حقيقية، فالرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، اعلن عدم ترشحه لفترة رئاسة ثانية، بسبب فشل السياسة الاقتصادية التي تبناها، والاجراءات والتعديلات القانونية التي طبقها، واعدا انها ستكون سببا في الازدهار الاقتصادي، ولما لم يحدث – ما حدث هو العكس -، لم يكابر وتخلى عن حقه الدستوري في الترشح لولاية رئاسية ثانية، فاتحا المجال، امام الشعب ليختار من يتوسم في برنامجه السياسي، ما يحقق اماله وتطلعاته. نفس القاعدة الاخلاقية، طبقها على نفسه، رئيس الوزراء الايطالي، ماتيو رينزي، الذي وعد بالتنحي في حال اخفاقه في الحصول على دعم الشعب لاصلاحاته الدستورية المقترحة، من خلال الاستفتاء، وهو ما حدث بالفعل.
اما في آسيا فالنموذج يأتينا هذه المرة من كوريا الجنوبية، التي خرج الشعب بمئات الالاف، مطالبا بإقالة الرئيسة باك كون هيه.
وهو ما اقره البرلمان الكوري، وجمد صلاحيات الرئيسة لحين الفصل في دستورية تصويته، واحقيته في قرار الاقالة. على ان الملفت في الحالة الكورية، امران.. اولهما، ان الفساد لا يخص الرئيسة، وانما يخص صديقة لها استغلت تلك العلاقة، في ممارساتها الفاسدة، الامر الثاني، هو انحياز نواب من حزب الرئيسة لقرار الاقالة، حيث صوت 234 من أصل 300 نائب في البرلمان لصالح هذا الاجراء.
لم يخرج الاعلام الفرنسي مذكرا الشعب بافضال ديغول وبطولاته، ولا بحكمة اولاند وقدراته، ولم يلجأ رينزي إلى متظاهرين يقسمون عليه الا يتنحى – رغم انه هزم في استفتاء وليس في حرب -، كما لم يشكل حزب الرئيسة الكورية سدا منيعا، للحفاظ على الزعيمة «الملهمة». انها الديمقراطية.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
11/12/2016
3939