+ A
A -
رغم كل التصريحات والرحلات الفارغة التي قام ويقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن ما يجري في سوريا إلا أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه جون برينان حسم الموقف الأميركي من سوريا حينما أعلن في 30 يوليو الماضي خلال مشاركته في مؤتمر منتدى أسبين الأمني عن عدم تفاؤله بشأن مستقبل سوريا وما إذا كان يمكن أن تعود موحدة مرة أخرى، وكان هذا التصريح من أرفع مسؤول أميركي يعمل في مجال المعلومات والاستخبارات هو الأقوى في تحديد ما يرتب له الأميركان بخصوص سوريا مع الروس وهو التقسيم وأن كل ما عدا ذلك هو كلام لا قيمة له وجهود لا عائد من ورائها، وقد جاء هذا التصريح في أعقاب تسريب خرائط كثيرة لسوريا المقسمة نشرتها وسائل إعلام أميركية وغربية مقربة من أجهزة الاستخبارات تبين أن تقسيم سوريا واقع لا محالة لكن هذا الترتيب لن يجرى إلا بعد إنهاك كل الأطراف التي تقاتل على الساحة السورية لاسيما الشعب السوري الذي يدفع ثمنا تاريخيا من أجل نيل حريته وكرامته، ورغم أن أميركا تعمل من أجل إسرائيل منذ قيامها على أنقاض فلسطين في العام 1948 وحتى الآن إلا أن المقال الذي كتبه وزير الدفاع الصهيوني أفيغدور ليبرمان ونشره موقع «ديفنس نيوز» الأميركي في 5 ديسمبر الماضي وأعادت نشره وترجمته مواقع عديدة يؤكد على التوافق الأميركي الإسرائيلي بشأن تقسيم سوريا بل إن الوزير الإسرائيلي أكد على أن التقسيم قادم لسوريا والعراق وليس سوريا وحدها، وأن ما يجرى من صراعات في الدول العربية المجاورة للكيان الإسرائيلي يجب أن يصب حسب قوله في ضمان الأمن القومي لأسرائيل، ورغم أن ليبرمان ركز على أمن إسرائيل وضرورة إعادة تقسيم الدول المجاورة لها إلا أنه أكد على حقيقة لا يختلف عليها اثنان وهي أن من أسباب عدم الاستقرار في الدول العربية غياب الطبقة الوسطى وتفشي الاستبداد والفساد المؤسساتي والفقر المدقع وأن الطبقة الوسطى في المجتمعات عادة ما تكون الدعامة التي تحفظ الاستقرار وأن بعض المجتمعات المستقرة تصل نسبة الطبقة الوسطى فيها إلى 80% من عدد السكان.
مقالة ليبرمان وتصريحات مدير الـ سي آي إيه تؤكد أن إسرائيل هي المستفيد الأول من وراء ما يجرى في سوريا والعراق واليمن والاضطراب الموجود في المنطقة وأن تقسيم هذه الدول يصب في المصلحة الإسرائيلية بالدرجة الأولى وأنه قادم لا محالة، ومن ثم فإننا حينما نرى العالم صامتا إزاء ما يجرى من مجازر غير مسبوقة في حلب ونجد أن عملية تدمير سوريا والعراق تسير بتنسيق وترتيب وتناغم بين الأطراف المختلفة فإن ذلك كله من أجل إسرائيل التي تريد أن ترى كل شيء حولها مدمرا لكن إشعال الحروب وإذكاءها لا يعني أبدا أن نهاياتها يمكن أن تكون على هوى من أشعلوها وربما تكتوي إسرائيل بهذه النار التي تذكيها من حولها.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
11/12/2016
24896