+ A
A -
كثرت الاجتهادات والتحليلات المتعلقة بمواقف وسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط وحروبه وصراعاته الأهلية والطائفية. ويتجه رأي محللين مرموقين إلى الاعتقاد بأن ترامب سيفاجئ منتقديه وكارهيه، وسيأخذ بالاعتبار مسألة الفصل بين الحياتين الخاصة والعامة، مضطراً في ذلك إلى التصرف كرئيس عاقل وليس كعنصري مجنون!
وتَكَشَّف في ندوة نظمها مركز «كارنيجي» الشهير في واشنطن قبل أيام، مَيْلُ المشاركين إلى توافق شبه إجماعي، مفاده أن ترامب سيتساهل تجاه قضايا كثيرة، لكن لن يتراجع عن «معاداة إيران»، ومراجعة الاتفاق النووي معها.
مثل هذا التوجه يتلاقى مع وجهة النظر المقتنعة بأن إيران دولة إرهاب. هكذا كانت منذ ثورة الخميني، وهكذا ظلت. غير أن تماديها وغطرستها، وانفضاح طبيعة مشروعها التوسعي ونواياها المذهبية الحاقدة ضد غالبية مسلمي العالم السُني باعتبار أن الشيعة الذين تقول إيران إنها تمثلهم، رغم أن نسبة لا يستهان بها منهم يرفضون توجهاتها العدوانية .. كل ذلك الانكشاف، واعتماد قادة طهران سياسة العسكرة الشيعية والأدلجة المذهبية، كرَّهت العالم بها ودفعت الكونغرس بشيوخه ونوابه ــ مثلاً ـــ إلى التصويت بالغالبية لصالح إبقاء العقوبات مفروضة عليها عشر سنوات أخرى.
إذا تمسك ترامب، متسلحاً برأي الكونغرس، بوضع إيران في المكان الذي تستحق وحرمانها من المكانة المحترمة التي تسعى إليها على الساحة العالمية، فإنه سينزع بالفعل فتيل التوتر الأهم في الشرق الأوسط بل والعالم كله. ويرى المشاركون في لقاء «كارنيجي» أيضاً أن ترامب قد يلجأ إلى مصالحة دول الخليج العربي، ويجمع بمسار مزدوج بين سياسة التدخل تارة والانعزال تارة أخرى، مؤيداً كما يبدو، فكرة توكيل الأزمات إلى لاعبين إقليميين لن تكون إيران واحدة منهم، على الأرجح.
ويقبل محللو كارنيجي الرأي القائل إن ترامب سيوكل سوريا إلى روسيا على أمل أن يلجأ بوتين إلى تنحية إيران جانباً، وأنه ربما يوكل ليبيا إلى مصر، في إطار سعيه لكسب ود كبرى الدول العربية، حتى بوجود رئيس فاشل كالسيسي، وإرضاء الجيش المصري الذي كثر تذمره في الآونة الأخيرة.
ويرى بعض المراقبين المطلعين على أفكار مساعدي ترامب الذي فاجأ الجميع عندما اختار فريقاً معاديا لروسيا بغالبيته، أنه سيعطي السعودية «طريقاً سريعاً» في اليمن، لأنها أولاً تخوض حربا بالوكالة ضد إيران، ولأنها ثانيا، وسيلة لابلاغ السعوديين بأنه ليس ضدهم وإنْ كان سيطالبهم بمحاربة الإسلام المتطرف بصورة أوسع.
غير أن ثمة تطورات قد تغير كل شيء أو أي شيء. وللدليل على ذلك، نذكر أن جورج بوش الابن انتخب على أساس أنه لن يتدخل في السياسة الخارجية، ولكنْ جاء هجوم «11» سبتمبر «2001» ليغير المعادلات التي ما زالت تتفاعل حتى هذه اللحظة!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/12/2016
1118