+ A
A -
ألمحنا في مقال سابق إلى ما وصل إليه حال شريحة كبيرة من الطلاب في مدارسنا المستقلة من ضعف في القراءة والكتابة العربية حتى أن الطالب قد يصل إلى الصف الرابع ومازال لا يفرق بين الحروف، ولا يعرف كيف تلفظ.الأمر الذي يؤكد أن هناك خللاً كبيراً في العملية التعليمية يجب رصده، ومراجعته، وتصحيحه. المشاهد أن شيئاً لم يتغير حتى الآن، والمشكلة مازالت مستمرة،بينما مازال المدرس يدور كثور الساقية في مهمات، وأنشطة تقلص الوقت المعطى للمادة العلمية، والأمور التربوية.تقول لي إحدى المدرسات يطلب منا تفعيل الكثير من الأنشطة التي لا تمت بصلة من قريب، أو بعيد للمادة العلمية فنضطر مع ضيق الوقت لتقديمها بشكل مسلوق، وسريع للطلاب..... مأساة اللغة العربية هنا تتعاظم خاصة مع نظام التقييم الذي يعتمد على اختيار الإجابات بدلاً من الكتابة المطولة التي يُحتاج إليها في تدريس اللغة العربية.
ومع استمرار هذه المشكلة أصبحنا نتمنى أن يعود المسؤولون عن التعليم إلى الطرق القديمة في تعليم اللغة العربية،الطرق التي مكنتني وأنا في نهاية الصف الثالث من قراءة 300 قصة، ومجلة اطفال خلال أسابيع قليلة حين كانت اللغة العربية تعتبر من اسهل المواد التي لا نحتاج إلى مراجعتها أصلاً.انه زمنٌ غير بعيد ونستطيع استعادته حتما طالما أن الطرق المتبعة اليوم أثبتت ضعفها في تدريس اللغة العربية.
أن نطور أمرا ما لا يعني بالضرورة نسف كل ما سبق في الماضي خاصة ان كان ناجحاً،ولا يعني أن يشمل التغيير كل شيء.الأفضل، والأوفر اعتماد ما سبق وتطويره بطرق مدروسة معلومة النتائج خاصة في امور التعليم والتربية لأن اعتماد المجهول هنا يعني أمكانية التضحية بأجيال كاملة، والاستمرار في إشكالية بناء النهضة، وتطوير التعليم الذي هو أس هذه النهضة وأساسها الذي طالما تآمر عليه أعداء نهضتنا.
ذكرت أحدى الباحثات في مجال اللغة العربية أنها قرأت كتاب لمؤلف غربي اسمه الإسلام الثوري ذكر فيه أن المستعمر الفرنسي، والانجليزي درسا أسباب قوة الفرد المسلم الذي استطاع انجاز هذه الحضارة العظيمة، والتوسع إلى مشارق الأرض،ومغاربها. فوجدوا أن الطفل المسلم منذ سن الثالثة يذهب إلى الكتاتيب ويتعلم القرآن،ثم يتعلم ألفية بن مالك ليخرج بمحصلة لغوية لا تقل عن 50 ألف كلمة في سن السابعة،مما يجعله طفلاً جباراً يمتلك الخيال الواسع،والقدرة على الإبداع من خلال العيش في هذا النطاق الواسع من اللغة لذلك حاربوا الكتاتيب كلاً بطريقته الخاصة...ونجحوا اليوم في افقار الطفل العربي الذي أصبح لا يملك سوى ستة آلاف كلمة في سن السابعة....والعيش في الحيز الضيق للعامية،كما أفتقد التربية الأخلاقية المميزة التي كان يكتسبها،مع الحفاظ على الهوية الشخصية الوطنية الرافضة للتغريب، والتبعية.
إذاً أعيدوا لنا الكتاتيب ما دامت هي التي تصنع الحضارة، والقوة، والتقدم.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
06/12/2016
3773