+ A
A -
عرفت تونس صعوبات اقتصادية بعد ثورتها التي أطاحت نظام الرئيس المخلوع بن علي ورغم أن جذور الأزمة أعمق من أن تكون نتاجا للتحول الديمقراطي في تونس ذلك أن حالة العجز المالي وتصاعد البطالة خاصة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات بالإضافة إلى استشراء الفساد والمحسوبية كان من العوامل الأساسية التي أدت إلى اندلاع الثورة التونسية ذات 17 ديسمبر 2010 وصولا إلى فرار رأس النظام بتاريخ 14/01/ 2011. فإن حالة عدم الاستقرار السياسي وتوالي الحكومات بالإضافة إلى تصاعد المطلبية في القطاعات المختلفة زمن ما بعد الثورة قد أفضى إلى زيادة العجز المالي للدولة التونسية وفرض الحاجة إلى البحث عن مصادر للتمويل من اجل خلق مصادر للتشغيل وفرص للاستثمار يمكنها أن تشكل رافعة للاقتصاد الوطني التونسي.
وفي هذا السياق العام للتحول الديمقراطي وما ترافقه من صعوبات المخاض لولادة جمهورية ثانية في تونس كان لبعض الدول دور ايجابي في مساندة الشعب التونسي في تحوله الديمقراطي. وفي هذا الإطار يمكن تنزيل الدعم الذي قدمته حكومة قطر للدولة التونسية ورغم أن العلاقات بين البلدين ليست وليدة اللحظة فحضور قطر الاقتصادي ودعمها المالي والسياسي للشعب التونسي سابق لثورة 2011 ويكفي أن نشير في هذا الإطار أن قطر هي أهم مستثمر عربي في تونس وهي الثانية بعد فرنسا في حجم الاستثمارات بالبلاد التونسية.
وبعد الثورة كان واضحا أن التوجه القطري لإنجاح التجربة التونسية هو خيار رسمي لدى أعلى مراكز القرار في دولة قطر. ويمكن أن نستشف هذا التوجه من خلال الخطاب الذي ألقاه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح الندوة الدولية للاستثمار (تونس 2020) عندما أكد على «أن الدعم القطري لتونس في تزايد مستمر» مشددا «على مواصلة مساندة دولته لمجهودات تونس لتحقيق التنمية المنشودة والتطلع إلى تعزيز التعاون ودعم علاقات الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات».
ومن خلال ذات الخطاب يمكن القول أن السياسة القطرية في دعم التجربة التونسية تنطلق من جملة من الثوابت يمكن تلخيصها كالتالي:
أولا: إن دعم التجربة التونسية وإنجاحها في ظل الوضع الإقليمي المضطرب يشكل نموذجا لما يجب أن يقوم به المجتمع الدولي «في مد يد العون لإنجاح التجارب الواعدة بدل الاستنفار للتشاور بعد حصول الكوارث».
ثانيا: إن حل المشكل الاقتصادي ومساندة الدول التي تشهد انتقالا ديمقراطيا يمثل «الطريق الأفضل في مواجهة التطرف والعنف ولا يوجد علاج مضمون بعد انتشار الظاهرة» كما يلاحظ سمو الأمير.
ثالثا: إن الدعم القطري موجه أساسا للشعب التونسي ولا يتعلق بحسابات سياسوية ضيقة مثلما نلاحظ لدى دول أخرى التي تركز على دعم الأنظمة الاستبدادية وتتجنب الاستثمار في تنمية التحولات الديمقراطية ذلك «أن نجاح برامج التنمية في تونس هو هدف في حد ذاته لتحقيق حياة أفضل للشعب التونسي وإنجاح تجربته في الحكم الرشيد وتنظيم الحياة السياسية في ظل التعددية» كما يقول سمو الأمير المفدى،الذي اعتبر أن التنمية تعد فرصة لخلق فرص عمل للشباب لحل مشكلة البطالة والوقاية من المظاهر السلبية التي ترتبط بها لاسيما اليأس والتطرف.
إن الجهد القطري الواضح في مساندة أشقائهم في تونس وهو أمر تجلى في الاستثمارات المختلفة التي تقوم بها المؤسسات القطرية في تونس بالإضافة إلى المنح المالية المختلفة بداية من الوديعة المالية القطرية التي تبلغ 500 مليون دولار التي تم إيداعها بالبنك المركزي التونسي سنة 2013 وصولا إلى التكفل بمصاريف تنظيم الندوة الدولية للاستثمار لسنة 2016 وإعلان صاحب السمو، خلالها دعم الاقتصاد التونسي بمبلغ مالي قيمته مليار و250 مليون دولار، ويأتي هذا الدعم بينما تواجه الحكومة التونسية ضغوطاً من المقرضين الدوليين مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتطبيق مزيد من الإصلاحات الاقتصادية لتقليص العجز.
إن هذا الجهد القطري يحظى بتقدير واسع لدى عموم الشرائح الشعبية في تونس ويعبر عن طبيعة العلاقة الوثيقة بين الشعبين الشقيقين.

بقلم : سمير حمدي
copy short url   نسخ
06/12/2016
3931