+ A
A -
مات الزعيم الكوبي، الدكتور فيديل كاسترو، الزعيم الأشهر في العالم الثالث زمن الحرب الباردة، وفي لحظاتها الصعبة والحاسمة بين الكتلتين الحلف الأطلسي وحلف فرصوفيا تاركاً وراءه دولة يَحكُمها حزب شيوعي، إلى جانب الصين الشعبية وكوريا الشمالية وفيتنام، التي بقيت لوحدها الدول الثلاث في العالم التي مايزال يَتَسيّد على رأس كل منها حزب شيوعي منذ انهيار منظومة الكتلة الشرقية عام 1991.
مات فيديل كاسترو، الذي طالما شكّل ورفيقه الأرجنتيني الأصل (أرنستو تشي جيفارا) حالة إلهام لكل أحزاب اليسار وحركات التحرر الوطني في العالم، ومنها قوى وأحزاب اليسار العرب، وعلى الأخص القوى والفصائل الفلسطينية الفدائية المُسلحة، التي طالما حَمَلَ الكثيرون من أعضائها وكوادرها وحتى قياداتها الميدانية في مُعسكرات المقاومة الفلسطينية في المرحلة الأردنية واللبنانية والسورية، الأسماء الحركية المُستعارة من كاسترو وجيفارا، حتى بَدَت وكأنها (موضة) أو (صرعة) ثورية في النصف الثاني من خمسينيات وستينيات وحتى سبعينيات القرن الماضي، لإثبات الانتماء والانحياز للثورة والمقاومة والشعب.
مات فيديل كاسترو، الزعيم الذي ملأ السياسات الدولية والإقليمية شغباً، وضجيجاً، وتَمَرُداً محموداً، منذ استيلائه على السلطة في كوبا مع مجموعة من يساريي أميركا اللاتينية منتصف العام 1959، واحتلالهم ثكنه (المونكادا) في العاصمة هافانا، واطاحتهم بحكومة الجنرال باتيتسا.
صَمَدَ فيديل كاسترو أثناء حصار الجزيرة الكوبية زمن الحرب الباردة، اعتماداً على حليف استراتيجي وقوي، هو الاتحاد السوفياتي في حينها، الذي وقف زعيمه (نيكيتا خروتشوف) في الجمعية العامة للأمم المتحدة مُتحدياً الغرب، وطارقاً بحذائه على منبر الجمعية العامة، دفاعاً عن كوبا وفيديل كاسترو إبان ما عُرِفَ بمعركة «خليج الخنازير»، وأزمة الصواريخ الكوبية إس إس 20التي زرعها الاتحاد السوفياتي فوق الأرض الكوبية مقابل شواطىء ميامي ومدن شرقي الولايات المتحدة.
كانت كوبا، مفتاحا وعنوانا رئيسيا من عناوين الحرب الباردة بصعودها وهبوطها، والتي طالت واستطالت منذ نهاية الحرب الكونية الثانية، وحتى تَفَكُك الاتحاد السوفياتي السابق أوائل العام 1990، فكانت تلك الحرب الباردة، نصف قرنٍ عاصفٍ بين الشرق والغرب، كان فيدل كاسترو من علاماتها البارزة، والمشاكسة من وجهة نظر الغرب وواشنطن، بالرغم من المساحة الصغيرة نسبياً لتلك الدولة المُسماة كوبا.
وللإنصاف والموضوعية، لم يَكُن فيديل كاسترو كأقرانه من زعماء دول أميركا اللاتينية والوسطى، الموصوفين بتربعهم على مواقعهم بفعل الانقلابات العسكرية الدموية والدعم الأميركي والغربي المُباشر.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
03/12/2016
1730