+ A
A -
مازلنا نتابع بصمت مسلسل القتال، والحصار في حلب، والموصل، بخلفية سوداء تغطيها الدماء حيناً... وحيناً عذابات التهجير، والترويع، والتعذيب، على وقع موسيقى هي خليط بين الألم، والفجيعة، والانتقام والحقد.
تحرك في الظاهر صُور على أنه قتالٌ ضد الإرهاب، وتحرير منه، بينما في حقيقته كما ذكرنا سابقا مدفوعٌ من جهات عدة لتمزيق الممزق، وتغير الواقع السكاني في كلا المدينتين، تهجير أمة لإضعافها... وإحلال طائفة، وسط عجز هذه الأمة التي تخلت عن دورها لتغتصبه غلمان داعش زوراً، ومن قبلها القاعدة.
حلب في سوريا، والموصل في العراق.. بينهما حدود، وسدود، وجوازات سفر في زماننا هذا. لكن مأساتهما امتداد واحد في توقيتٍ، وإقرار غير مقصود أنهما في الأصل أمة واحدة، وتاريخ واحد. في زمن ضعف الخلافة العباسية حكمت الأسرة الحمدانية، العربية، الشيعية حلب والموصل معاً كأنهما روح واحدة سبع وسبعون عاما منها 59 عاما كانتا في ازدهار وقوة، ومنعة للإسلام والمسلمين في وجه الروم البيزنطيين.. لم يخونوا عروبتهم.. ولم يتاجروا بمذهبهم.. ومازالت قصائد المتنبي تخلد ذكراهم، وتوثق تضحياتهم. العجيب أنه في الزمن الذي علت فيه شعارات القومية العربية، والدعوة لها كانت بذرة الشر التي حكمت بالطغيان، وتوارثته، حتى جاء اليوم الذي سلمت فيه كبريات حواضر الأمة لمن لا يرحم، بل وباعتها مقابل ثمن بخس، وأي ثمن أبخس من مصالحهم، وأرواحهم. ما يخبرنا أن الكثير من الشعارات البراقة، والأصوات المجللة قد لا يعد وكونها أبواقا لمشاريع لئيمة، ومصالحة شخصية ثمنها مستقبل الأمة، وحاضرها فلا تصدقوا كل ما تسمعون.
المأساة مستمرة، والدرب طويل، وفي عمقهما الكثير من الوجع والقصص الحزينة، والصور المروعة لما يقاسيه أهل الأرض من المتآمرين، والغزاة. أما النهاية فلا تبدو وشيكة في صراع أقرب ما يكون على أحلام.. أحلام امبراطوريات اندثرت تريد أن تنبعث من جديد على حساب احلام أهل الأرض البسطاء، تجتمع فيه اطراف متنافرة لم يجتمع مثيلها في التاريخ على نار وقودها خيانة بعض من ينتمي لهذه الأرض.
ما لا يعرفه المتآمرون على وحدة هذه الأمة، ولا الغزاة الموغلون في دمائها أن جمراً تحت رمادها لم ينطفئ، وأن خيوطها المبعثرة ما تلبث أن تعود لتلملم الجسد الواحد مهما طال ليل التهجير، والتغريب، والتدمير.
إنها غربلة فقط، وسنفرح مجدداً بإذن الله ومراكب الغزاة تحترق بعيداً عن شواطئنا.
تذكرة:
اجعلوا لإخوانكم المعذبين في سجون الشام، والعراق نصيباً من دعائكم.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
29/11/2016
3222