+ A
A -
الكثير من الأصدقاء والأهـل والمعارف حـذروني منها ونصحوني بالابتعاد عـنها بعـد أن شاهـدوها برفـقـتي أكثر من مرة وفي أكثر من مكان وفي أوقات مختلفة وإذا ما استمرت علاقـتي بها سأكون لا محالة ضحية من ضحاياها الكـثيرين.. أسرتي أيضا بعـد أن عـلموا بالأمر طلبوا مني إنهاء ارتباطي بها فورا لأنها «سـيئة السمعة»، وستضرني كـثيرا ولن تنفعـني أبدا وسأكون أنا لا ريب الخاسر الأكبر، ومع كل هـذه التحذيرات القـوية والنصائح الصادقة والضغوط الشديدة التي تعـرضت لها من جميع أفـراد أسرتي وأصدقائي إلا أنني لم أتمكن من الابتعاد عـنها ولا حتى ساعة واحدة فقط من نهار أو ليل لأني ولديّ الشجاعة لأن أعـترف لم أكن أملك الإرادة القـوية التي تمكنني من قطع صلتي بها، لأنها وبصراحة شديدة كانت نقطة ضعـفي، فـقـد أحببتها وعـشقتها لدرجة الهيام، وكان تمسكي بها يزداد يوما بعد يوم، وتعلقي بها يشتد وارتباطي بها يقوى.
لم يخطر ببالي أبدا أن حبها سيتغلغل في أعـماقي بعـد أن قـدمها لي وعـرفـني بها أحـد الأصدقاء مباشرة، فـقـد ظننت أنها ستكون مجرد معـرفة عادية جدا لـن يكون لها أي تأثير عـلى مجرى حياتي، إلا أن الحقـيقة ليست كذلك، فـقـد أحسست بنوع من الراحة النفسية أو هكذا خيل إليّ، وانتابني شعور دفـين بحاجتي إليها بعـد معـرفـتي بها للمرة الأولى، وكان بداخلي شيء ما يدفعني إليها والبحث عـنها وهذا ما حدث بالفعل.
اعـتقـدت في بادىء الأمر أن علاقـتي بها هو نوع من العـبث البريء ربما يستمر بضعة أيام وينتهي كل شيء، فلم يدر بخلدي أبدا أنها ستمتلك كل مشاعـري وأحاسيسي وسيجري حبها مجرى الدم في العـروق وأنها ستكون جزءا من حياتي بل كل حياتي.
كانت معي في كل الأوقات لم تكن تفارقني أبدا أصبحت أنيستي في وحدتي وهي التي كانت تنسيني همومي وهي التي كانت تريحني من متاعبي، وهي معي كـنت أتغلب عـلى المواقف التي أتعـرض فيها للضغوط، كانت تساعـدني على الاسترخاء وعـدم العصبية، كانت تساعدني على التغلب على المواقف المؤلمة وغير السارة تمنع عني القلق والإحباط والملل وتساعـدني على التفكير والتركيز وتشعرني أنني أكثر نشاطا وإنتاجية في العمل.
ولأني «أدمنتها» ساءت حالتي الصحية وبدأت أعاني الكثير من المتاعـب بسببها، وهـذا ما دعا أصدقائي المخلصين ووالدتي وبقية أفـراد عائلتي إلى الضغط عليّ من جديد لإنهاء علاقتي بها إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل إذ كيف يمكـنني الابتعاد عـنها وأنا أسير هواها، كيف بالله عليكم وهي التي «تشتعل نارا» وأنا «أحترق» حين نكون معا، كيف ورائحتها القوية العالقة في ملابسي وشعـري وسيارتي بل في أنفاسي أيضا لا تفارقني أبدا وتجعل كل من يشمها من على بعد أمتار «يدوخ» من شدة تأثيرها..؟
إلى أن اكتشفت أنها كانت تخدعني طوال معرفتي بها وأن كل من نصحني بتركها كان على حق، كما أنها تتسبب بإصابة كل من يقع في شباكها بأمراض خبيثة كـثيرة تؤدي به في النهاية إلى الموت المحقق، كيف كنت أعـيش كل تلك السنين مع من كانت تريد الفتك بي وتدميري، وكيف استطاعـت وبسهولة من بسط سيطرتها عليّ، ولم تجاهلـت نصائح والدتي ونصائح أصدقائي ولم أنتبه إلى تأثيرها السلبي على صحتي وأن استمراري معها سوف يؤدي بي إلى التهلكة لا محالة.. أسئلة لم أجد لها إجابة شافية سوى أنني كنت في منتهى السذاجة لأنني اعتقدت أنني كنت على صواب في رأيي فيها وكل من نصحني كان على خطأ، واتخذت القرار الصعب، الخلاص منها للأبد لأنها تفتك بمن يقع في أسرها، ليس فقط بالابتعاد عنها إنما بقتلها نعم بقـتلها قبل أن تقتلني وهكذا كان لأن السيجارة لا يمكن أن تكون إلا سُما ًوموتا بطيئا لكل من يتعاطاها، فاحذروها فهي كالأفعى ناعمة الملمس في ظاهرها أما في باطنها فهي تحمل السم الزعاف.
بمناسبة احتفال دول العالم باليوم العالمي لمكافحة التدخين.

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
23/11/2016
2129