+ A
A -
يعتقد المغاربة أن بلادهم نجحت في تنظيم مؤتمر عالمي حول المناخ بحضور وازن على مستوى القادة، وعلى مستوى رفيع من المشاركة وعدد الوفود التي توافدت على مراكش، وكانت على مستوى كثيف.
الأهم أن المؤتمر الذي شاركت فيه 196 دولة حقق الأهم، أي حشد تأييد عالمي «لاتفاقية باريس» التي تهدف إلى معالجة الاحتباس الحراري، وخفض درجة حرارة الأرض بدرجتين على الأقل.
لعل من المفارقات أن عدد الدول المشاركة في قمة مراكش كان أزيد من أعضاء الأمم المتحدة، التي يبلغ عددها 193 دولة.
إذ أن هناك دولاً، لأسباب مختلفة ليست بعد أعضاء في الأمم المتحدة.
علينا أن نتذكر أن دولة مثل سويسرا واحتراماً لحياديتها لم تنضم إلى الأمم المتحدة إلا في عام 2002.
شعور المغاربة بالنجاح كان مرده إلى خمسة أسباب.
أولاً، الحضور الوازن في قمة عقدت في مدينة سياحية، وليس في العاصمة، والحرص على «كرم الضيافة» وهو الشعار الذي يتباهى به المغاربة.
ثانياً، تسويق بلادهم كبلد آمن مستقر، يعرف كيف يحتفي بضيوفه.
ثالثاً، عقد «قمة إفريقية» في بلد انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية منذ عام 1984، لكنه حرص على تمتين علاقاته الإفريقية، وهو يستعد الآن للعودة إلى الاتحاد الإفريقي.
رابعاً، توسيع دائرة الاهتمام العالمي بموضوع المناخ، إذ كان عدد الدول المشاركة في قمة مراكش حول المناخ أكثر من الدول التي شاركت في مؤتمر باريس.
خامساً، قدم المغرب بعض المشاريع التي تهدف إلى إنتاج طاقة نظيفة من مشاريع بديلة تحرص على البيئة.
كانت معضلة «مؤتمر مراكش» هي الموقف الأميركي من موضوع المناخ، ذلك أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أعلن رسمياً أنه سينسحب من «اتفاقية باريس»، لكن كان لافتاً أن جون كيري وزير الخارجية الأميركي الذي مثل بلاده في قمة مراكش، حرص على طمأنة العالم حول موقف الولايات المتحدة تجاه اتفاقية باريس بشأن المناخ للحد من الاحتباس الحراري. قال كيري في تصريحات من مراكش «إن الغالبية العظمى من المواطنين الأميركيين تظل ملتزمة إزاء اتفاق باريس حول التغير المناخي، مشدداً أن أميركا تسير في اتجاه تنفيذ الأهداف المحددة في المجال المناخي»، مشيراً إلى أن «المغرب بذل جهودا مدهشة» باستضافته الدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 22)،
لكن هذه التصريحات في الواقع، لم تبدد المخاوف من انعكاسات عزم دونالد ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس حول المناخ التي وقعت عليها حتى الآن أزيد من مائة دولة، أكثر من ذلك اعتقاد الإدارة الأميركية التي ستتولى زمام الأمور أن التغييرات المناخية مردها إلى ظروف طبيعية وليس لأنشطة لها علاقة بحياة البشر.
العاهل المغربي الملك محمد السادس قال في معرض رد مباشر على المشككين حول جدوى انعقاد مؤتمر المناخ «إننا ندرك جميعا أن الأمر يتعلق بحماية الحياة، وأن علينا العمل بشكل تضامني، من أجل الحفاظ على كوكبنا. ولهذا أتمنى أن يتسم عملنا بتطابق وجهات النظر».
وأشار إلى أن القارة الإفريقية لا تنتج سوى 4 بالمائة من انبعاثات الغازات التي تؤدي للاحتباس الحراري. وقال كذلك إن «التقلبات المناخية في العالم، تعيق بشكل كبير التنمية في إفريقيا، وتهدد على نحو خطير الحقوق الأساسية لعشرات الملايين من الأفارقة».
من مفارقات مؤتمر المناخ، أن العالم انتقل إلى مراكش ليناقش واحدة من القضايا الأساسية التي تواجه كوكب الأرض، ويضع جانباً تلك المشاغل التي قتلتها المنابر بحثاً على غرار «الحروب والإرهاب».
كان ذلك رقياً حضارياً.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
19/11/2016
5692