+ A
A -
ماذا جرى؟.. لماذا اختار الأميركيون مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب؟ كيف خالف الناخب الأميركي كل نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في الأيام التي سبقت الانتخابات الرئاسية، والتي كان اكثرها تشاؤما يؤكد تفوق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون بفارق نقطتين إلى ثلاث على الأقل؟.. هل أثرت تصريحات جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي آي»، على تحقيقات المكتب في احتمالية تسريب رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون في توجه الناخبين؟ ماذا وراء توقيت هذه التصريحات؟.
ما سبق مجرد عينة بسيطة لسيل من الاسئلة يطرحها فوز دونالد ترامب بالرئاسة الاميركية.
هي اسئلة مهمة لا شك، لكنها جديرة الآن بالمراكز البحثية، والمؤسسات الاكاديمية، وخصوصا الاميركية منها، التي اتضح انها «فنكوش» كبير في قياساتها وتحليلاتها.
الواقع الآن ان ترامب هو رئيس الولايات المتحدة الاميركية، الدولة الاقوى في العالم، والاكثر تأثيرا في منطقتنا تحديدا، بالمخالفة لكل التوقعات والقراءات. ومن ثم يتوجب علينا ان نطرح اسئلة مغايرة، اتصور ان يتصدرها سؤال، ماذا نحن – العرب – فاعلون؟
في تقديري الشخصي، اننا امام فرصة ذهبية لاختبار ارادتنا، وامكانية فطامنا عن الصدر الاميركي.. بكلام آخر، انها اللحظة المناسبة لنجرب ان نكون «فعلا»، لا «مفعولا به» دائما، أو «مفعولا لأجله» في افضل الاحوال.
لا يعني ما سبق ان نتجه إلى صدام مع الولايات المتحدة. ولا ينبني على تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية، فالرئيس المنتخب، ضرب خلال الحملة، في كل الاتجاهات، داخليا ضد السود والمسلمين واللاتينيين، وخارجيا، ضد العالم كله، من الصين إلى المكسيك. فالامر إذن يحتاج إلى انتظار خبرة الممارسة، ذلك ان من كان يجلس على قاذفة لهب خلال الحملة الانتخابية، تحول على الاقل من حيث اللغة، بنسبة مائة وثمانين درجة، وهو ما يؤشر إلى امكانية تغيير كبيرة بعد الجلوس في موقع المسؤولية، واختيار الفريق المعاون والمستشارين، ولعل ما يثير السخرية في هذا الصدد ان يعلن بلد ما توافقه مع سياسات ترامب، التي لم تدخل حيز التجربة العملية بعد.
في كل الاحوال، لابد من تجربة المبادرة والفعل، تلك التي جربتها الشعوب – لا الأنظمة – العربية، في الربيع العربي المفترى عليه، فما كان إلا ان اضطر البيت الابيض إلى السير في ركابها، والانصياع إلى مطالبها، حتى وان بشكل مؤقت، انتظارا لفرصة انقضاض جديدة.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
13/11/2016
2593