+ A
A -
بدأت الحكومة العراقية ما بعد الاحتلال الاميركي بحملة عسكرية على مدينة الموصل في غرب العراق بهدف طرد تنظيم الدولة منها. المعركة التي يشارك فيها تحالف دولي على رأسه الولايات المتحدة الاميركية يسعى إلى طرد تنظيم الدولة من الموصل وضواحيها والتي كان التنظيم يعتبرها أحد اهم مراكز نفوذه. سبق هذه المعركة ما أسمته الحكومة العراقية بتحرير مدينة الفلوجة ومدينة تكريت وما يتبع لهما من مدن وقرى.
الإعداد العسكري للمعركة وإظهار الكم العددي للقوات العراقية ومعها ميليشيات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية يظهر مدى التنافس الداخلي العراقي على الموصل بين الحكومة المركزية وبين إقليم كردستان على تحقيق الإنجاز. بالطبع الحضور الإقليمي المتمثل في تركيا وإيران يزيد من حالة التنافس على الموصل. مع أن الأحداث التي تتطور تظهر ان كل ما يتعلق بمعركة الموصل يبدو مروياً ومعروفاً، لكن ثمة قصصا ومسائل مازالت غير مروية، وربما لا يراد لها أن تروى، من هذه القصص ما يلي:
أولاً: ان ما تقوم به الحكومة المركزية في العراق من محاولة استعادة المدن كالفلوجة وتكريت وربما الموصل هو الهروب للأمام من مسؤولياتها التي طالما فشلت في أدائها داخلياً. فسقوط الموصل في يد تنظيم الدولة يحمل تأكيداً على حالة الفشل تلك، لكن هذا ليس كل الحكاية، فهناك الفشل الذريع في تقديم الأمن الداخلي وتقديم الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء.. الخ. فرغم العائدات الضخمة للنفط إلا ان الحكومات المتعاقبة لم تنجح إلا في أن تجعل العراق في أعلى قائمة الدول الأكثر فساداً. إشغال الرأي العام بالخصم الخارجي استراتيجية نجحت في استعمالها الجمهورية الإسلامية منذ الحرب العراقية الإيرانية حيث التركيز على التحدي الخارجي الذي توظف الدولة له كل إمكاناتها مما يقطع الطريق على مطالبات داخلية ويجعلها أقرب إلى التآمر منها للإصلاح.
ثانياً: الهروب من فكرة تأسيس مؤسسة عسكرية على أساس احترافي إلى تأسيس قوات مسلحة طائفية تدافع عن الطائفة وليس الدولة والوطن. للتذكير فقط فإن تأسيس ما يسمى بقوات الحشد الشعبي جاء بناء على دعوة من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني بعد سقوط الموصل مباشرة. ومع تأسيسها تمسكت الحكومة العراقية بها ودعمتها مالياً، لقد عملت الحكومة العراقية على وتر الاعلام في معركتي الفلوجة وتكريت، وذلك في سياق التأكيد على ان اخراج تنظيم الدولة من تلك المدن لم يتم الا بـ«قوة وعزيمة» قوات الحشد الشعبي ومعها الجيش العراقي. إن الحديث عن إدماج تلك القوات داخل الجيش العراقي يعزز من فكرة التجزئة داخل النسيج الاجتماعي العراقي، ويزيد الفجوة بين الحكومة وبين قطاع عريض من الشعب العراقي تم استبعاده بشكل شبه كامل عن المشهد السياسي العراقي.
ثالثاً: يصعب الاعتقاد أن قوات الحكومة العراقية تريد القضاء التام على تنظيم الدولة، ذلك أن مثل هذا الأمر سيعيد الحكومة العراقية والنظام السياسي معها إلى دائرة المساءلة التي طالما هربت منها الحكومة العراقية وساعدتها على ذلك إيران. نظام الجمهورية الإيرانية لم يرغب ان يكون للعراق دور مذهبي فاعل في الدائرة الشيعية أكثر من ان تحكمه أحزاب شيعية. ومع افشال بناء قوة عسكرية محترفة بعيدة عن البعد الطائفي تكون طهران قد عززت من واقع التجزئة وكذلك فشل الدولة في العراق. إبقاء العراق في مربع الدولة الفاشلة مصلحة لمن توصف بالنخبة السياسية في العراق، كما أنه مصلحة لإيران كذلك، لذلك فإن معركة الموصل وغيرها أدوات للمحافظة على الوضع الراهن ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
02/11/2016
2744